الآن اتضحت العلاقة بين حكام الفساد في الوطن العربي وحكومات الغرب التي ظلت تدعمهم ضد إرادة شعوبهم لعقود كاملة. أمراء ورؤساء وملوك الفساد والاستبداد العربي.. كانوا يضعون أموالهم العائلية في بنوك الغرب وليس في بنوك البلدان التي يحكمونها.. ويضعون أموال الدول في البنوك الغربية أيضا.. ويحرمون شعوبهم من صرفها على مظاهر البؤس والبطالة والجوع! حكام الفساد كانوا يربطون بين بقائهم في الحكم على رأس دولهم وشعوبهم "بالعاقبة" ببقاء هذه الأموال في بنوك الغرب.. حتى جاءت الأزمة المالية العالمية فاحتاج الغرب إلى هذه الأموال.. فقرر الحجر عليها عبر الإطاحة بالحكام وتجميد الأموال تمهيدا لمصادرتها.. فقد جمدت أموال ليبيا الخاصة والعامة.. وجمدت قبلها أموال صدام العراق.. وجمدت بعدها أموال مبارك وعائلته.. كما جمدت أموال بعض سراق الجزائر مثل الخليفة وغيره في فرنسا وبريطانيا. المملكة المتحدة نشرت قائمة بعائلة مبارك ووزرائه الذين جمدت أموالهم.. وتبين أن مبارك رئيس مصر يضع هو وأبناؤه وزوجته أمواله الطائلة في بنوك بريطانيا لأنه لا يثق في بنوك بلده وهو يحب مصر ويموت من أجل البقاء في الحكم لخدمتها! وحتى وزراؤه يضعون أموالهم في هذه البنوك.. وحدث أن كشفت بريطانيا زوجات الوزراء وعشيقاتهم الذين يضعون الأموال في بنوك بريطانيا! حتى عشيقات وزراء مبارك لا يثقن في بنوك حكم مبارك! وفي الجزائر عندما يرفع الغطاء عن مثل هذه الممارسات سنرى العجب العجاب! لأن سويسرا هي بالفعل المكان الآمن ماليا لعصابات الفساد الجزائري.. ويطلق عليها بعض الجزائريين جمهورية "غار علي بابا"! المحزن في كل هذا أن الدول الغربية تجمع الأموال المسروقة حتى لا يتمتع بها السراق.. ولكنها ترفض إعادتها إلى الشعوب التي نهبت منها! والعملية في النهاية هي شبه تواطؤ بين حكومات الغرب وسراقنا على أخذ الأموال.. ثم مصادرة دول الغرب لهذه الأموال.. لأن أصحابها سرقوها بطريقة غير شرعية! ترى هل كانت الدول الغربية لا تعرف أن هذه الأموال مسروقة قبل أن يحدث الربيع العربي.. أم أنها كانت تعرف ذلك ولا تمانع؟! والسكوت عن السراق هو مشاركة في السرقة.. بل مساهمة في السرقة خاصة عندما نعرف أن المستفيد النهائي من هذه الأموال المنهوبة هي بنوك الدول الغربية التي يملكها بعض حكام هذه الدول.. فالفساد هو الظاهرة الوحيدة الأكثر عولمة حتى الآن.. هذا هو قدرنا كضحايا!