نقاش ساخن ذلك الذي أثاره الأساتذة والطلبة وحتى الإعلاميون الذين حضروا الندوة التي نظمها مركز ''الخبر'' للدراسات الدولية، بالتعاون مع كلية العلوم السياسية لجامعة الجزائر3 ببن عكنون، تحت عنوان ''النساء والربيع العربي وجهة نظر النساء العربيات من التحولات التي تعرفها المجتمعات العربية''. شاركت في الندوة كل من الناشطة التونسية رجاء بن سلامة، التي تلقت حصة الأسد من الأسئلة والنقاشات التي لم تشاطرها الكثير من الرؤى، وكذا الناشطة الثورية المصرية ميري دانيال، والناقدة السينمائية السورية لمى طيارة والإعلامية الجزائرية سامية بلقاضي. رجاء بن سلامة: الثورات العربية متشابهة في انطلاقاتها مختلفة في مآلاتها قالت الدكتورة رجاء بن سلامة إن الثورات العربية متشابهة في انطلاقاتها، لكنها مختلفة من حيث مآلاتها ونتائجها، وأوضحت أن انطلاقة الثورة في تونس استندت لإرث حقوقي ويساري، لكنها انتهت إلى فوز حزب إسلامي بالانتخابات البرلمانية. وقالت بن سلامة إن الثورة التونسية تعرف حالة من المد والجزر، وأفضت إلى درجة كبيرة من حرية التعبير، لكن هناك في نفس الوقت ''ثورة مضادة تهددها''، معتبرة أن المجتمع التونسي عرف بعد الثورة ''رغبة في البناء المشترك''، تخللتها نزعة نحو ''ممارسة العنف لدى بعض التيارات الإسلامية التي شكلت جماعات تنشط على شكل جمعيات لكنها عبارة في الحقيقة عن ''ميليشيات'' لضرب الخصوم والمنافسين''. وقالت: ''لقد تعلمنا خطاب حزب النهضة، منذ أن قدم برنامجا انتخابيا، ولم يعد يجرؤ على الكلام باسم الدين، بل أصبح يتحدث باسم الثورة''. وبخصوص وضعية المرأة في خضم المسار الثوري التونسي، قالت بن سلامة: ''رفعت المرأة التونسية شعارات الثورة، منذ قيامها، وتمكنت من الحصول على عدة مكاسب، على غرار مبدأ المساواة في التمثيل السياسي''، موضحة: ''لكن في المقابل نجد أن النساء حاضرات في المجتمع المدني كسلطة مضادة، لكنهن مغيّبات في الفضاء السياسي الرسمي''. وتعتقد بن سلامة أن تونس تعرف حاليا سيطرة نوعين من الذكورية، وهما الذكورية التلقائية التي تعتبر أن المرأة غير جديرة بتقلد المناصب، بحيث أن أغلب الأحزاب التونسية لم تقدم نساء على رأس قوائمها الانتخابية. في حين تعتبر الذكورية الأيديولوجية التي يمثلها التيار الإسلامي، حسب المحاضرة، بمثابة تصور يرمز إليه الإلحاح على ''وجود اختلاف بين الرجل والمرأة''، وعلى فرض مبدأ القوامة استنادا لأحكام الشريعة الإسلامية. وترى بن سلامة أن حركة النهضة في تونس قدمت إلى حد الآن عدة تنازلات براغماتية، لكنها لا تزال تحافظ على نفس الحاضنة الأيديولوجية والفكرية، الأمر الذي حال دون توصلها إلى إحداث قطيعة معرفية في خطابها، وقالت: ''ما تزال النهضة في تونس تحتفظ بنفس السردية الأصولية، وما تزال تعتبر المجتمع التونسي مجتمعا فاسدا، وتحمّل المرأة مسؤولية الفاسد''. ميري دانيال: الأقباط لا ينوون تقسيم مصر من جهتها نفت الناشطة المصرية ميري دانيال أن تكون حركة ''مينا دانيال''، التي تأسست عقب اغتيال شقيقها مينا دانيال يوم 9 أكتوبر 2011 برصاصة أصابته في صدره أثناء مشاركته في تظاهرات نظمها معارضون أمام مبنى التلفزيون المصري، أن يكون لدى أعضاء الحركة أي نوايا لتأسيس دولة قبطية في مصر، موضحة أن مطالب الشعب المصري، سواء كانوا مسلمين أو أقباطا هي مطالب واحدة. لمى طيارة: المرأة السورية ليست بحاجة إلى 07 ألف قتيل حتى تتحرر من جهتها قالت الإعلامية والناقدة السينمائية لمى طيارة إن ''سوريا لا تعيش ربيعا عربيا وإنما شتاء عاصفا''، مشيرة إلى أن الثورة في سوريا تكاد تقفل عامها الثاني، وشددت على أن المرأة السورية ليست بحاجة إلى 70 ألف قتيل حتى تتحرر، وأنها أصبحت مسؤولة عن تمويل الأسرة بسبب غياب الزوج، إما لأنه في المعتقل أو مع الثوار. وانتقدت الإعلامية لمى طيارة الدراما السورية وبالأخص مسلسل ''باب الحارة''، الذي كانت له شهرة واسعة في الوطن العربي، لكنه، حسبها، شوّه صورة المرأة السورية في الثلاثينات من القرن الماضي رغم وجود مثقفات سوريات في ذلك الوقت، وردت على إحدى المتدخلات في القاعة والتي أبدت إعجابها بما تضمنه هذا المسلسل من قيم بالقول: ''... ما أعجبك هو إخلاص الرجل والطاعة والقرب من الله.. وليس صورة المرأة''. كما وافقت لمى طيارة من انتقد مسلسل ''ما ملكت أيمانكم'' الذي يصور المرأة المتحجبة أو المتجلببة بالمتخلفة، وأكدت أنها من بين الذين عارضوا ما تضمنه هذا المسلسل من إساءة لثقافة المتلقي، مشيرة إلى أن العديد من الأشياء التي كانت ممنوعة عن المرأة في السينما السورية تم التخلي عنها رغم أنه كان يمنع أن تصور المرأة تدخن أو تشرب (الخمر) أو في خلوة مع رجل... سامية بلقاضي: ما تحصلت عليه المرأة الجزائرية من حقوق غير مفعّل أما الإعلامية الجزائرية، سامية بالقاضي، فأشارت إلى أن الجزائر عاشت انتفاضتها في 1988 قبل الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، وقالت إن المرأة الجزائرية خرجت في مظاهرات للمطالبة بحقوقها وتحصلت على بعض المكاسب، وتحصلت من الناحية القانونية على حقوقها، لكن ما تحصلت عليه في الجانب القانوني غير مفعّل. وتحدثت الصحفية بجريدة ''الخبر'' عن نموذجين من أنماط التفكير تجاه المرأة في الجزائر، الأول يتبناه التيار الإسلامي، أما الثاني فيمثله التيار العلماني أو اللائكي الذي يدعو إلى تحييد أحكام الشريعة، لكنها أوضحت أن المرأة الجزائرية اكتسحت كل مجالات العمل، مضيفة أن النقاش حول حرية المرأة ليس بنفس الضراوة التي تعيشها بلدان الربيع العربي.