شيع السوريون، أمس، بالعاصمة دمشق، جثمان الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، الذي دفن بالقرب من قبر صلاح الدين الأيوبي، وحفيده الذي قضى معه في التفجير الانتحاري بقلب مسجد ''الإيمان''. كان الرئيس السوري، بشار الأسد، الذي توعد بمتابعة ''قتلة العلامة''، قد أوفد ممثلا عنه لحضور الجنازة، فيما شهدت العاصمة تدابير أمنية مشددة تحسبا لأي عمليات تفجيرية أخرى. وقام توفيق البوطي، نجل الشيخ رمضان البوطي، بإلقاء كلمة ذكر فيها بمناقب والده، في حين دعا مفتي الجمهورية السورية، أحمد بدر حسون، السلطة إلى فتح باب المصالحة من أجل ''عودة أبناء الوطن'' ممن اعتبرهم ضلوا الطريق. واستمر الجدل وتبادل التهم بين النظام السوري والمعارضة حول منفذي العملية الانتحارية التي راح ضحيتها أكثر من خمسين شخصا، حسب حصيلة وزارة الصحة السورية، وقد أصدرت جبهة النصرة بيانا، وهي إحدى أهم الجماعات المسلحة المعارضة والمصنفة وفقا لإدارة البيت الأبيض الأمريكي ضمن قائمة الجماعات الإرهابية، برأت نفسها فيه من التفجير الانتحاري الذي أودى بحياة خمسين سوريا من بينهم العلامة البوطي. من جهة أخرى، أدان رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، يوسف القرضاوي، التفجير الانتحاري وطالب الأممالمتحدة بالتحقيق في ملابسات التفجير، متهما في بيان صدر أمس النظام السوري بالوقوف وراء التفجير الانتحاري. وعلى الصعيد السياسي، أشارت مصادر أمريكية أن الرئيس باراك أوباما أكد لكل من السلطات الإسرائيلية والأردنية، خلال جولته الشرق أوسطية، اعتزام بلاده دعم المعارضة المسلحة المعتدلة، في محاولة لحصر دور الجماعات المسلحة المعارضة المتطرفة التي تزداد سيطرتها على الوضع الميداني، غير أن المصادر من إدارة البيت الأبيض قالت إن هذا الموقف لا يعد مؤشرا على تغيير موقف أمريكا من تسليح المعارضة، في إشارة إلى أن الدعم الأمريكي سيقتصر على تقديم المعلومات الاستخباراتية. وتزامن هذا الموقف الأمريكي مع نشر وسائل الإعلام نتائج سبر آراء أجراه مركز ''يوغوف كامبريج'' في كل من بريطانيا والولايات المتحدة، أظهر أن الرأي العام في هاتين الدولتين يرفض تقديم المساعدة المسلحة للمعارضة السورية خوفا من سقوط الأسلحة بين أيدي المتطرفين. من جانب آخر، أشارت مصادر من المعارضة السورية أن حوالي 150 شخصية سورية من الطائفة العلوية شاركت، أمس واليوم، في العاصمة المصرية القاهرة، في أول محاولة لتشكيل قطب سياسي علوي معارض يسعى، حسب المنظمين، إلى إحداث مسافة بين النظام والطائفة العلوية. في المقابل، أعلنت الحكومة السورية رفضها تمديد فترة عمل لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، بسبب ما أسمته ''عدم حياد وانحياز اللجنة''، فيما اعتبرته أن تقارير اللجنة ''غير متوازنة''.