طالت رحلة بحث عدد كبير من المواطنين عن الخبز، أمس، بسبب إضراب الخبازين في حركة احتجاجية أرادوا من خلالها الضغط على الحكومة من أجل رفع سعر الخبز أو دعم المواد الأولية، واستغل المضاربون الاحتجاج لرفع سعر الخبز، وانتهز باعة ''المطلوع'' الفرصة لتحقيق الربح. لم يسبق للجزائريين أن عايشوا أزمة خبز، إلا بمناسبة الأعياد، لكن إضراب الخبازين أعاد إلى أذهانهم تلك الأزمة، على الرغم من أن الاستجابة كانت متفاوتة عبر ولايات الوطن، بسبب انقسام الخبازين بين مؤيد ومعارض للحركة الاحتجاجية. في الجزائر العاصمة، شهدت أحياء وبلديات أجواء غير عادية، وتهافت المواطنون في طوابير اصطفت أمام الخبازين الذين عملوا، حيث لم تعمل المخابز في حسين داي ومحمد بلوزداد وأول ماي، واضطر عدد من المواطنين إلى التنقل إلى حيدرة والمدنية وعين النعجة والقبة لاقتناء الخبز. وعلّق أحد المواطنين ''حتى الخبز صار له إضراب، هم يقولون يجب رفع السعر ونحن نقتنيه أساسا ب10 دنانير منذ سنوات''. وفضّل عدد من الخبازين غلق محلاتهم، في حين أراد آخرون انتهاز الفرصة لتحويل الفرينة المدعمة لإنتاج الحلويات والمرطبات. وقال رئيس الاتحادية الوطنية للخبازين، قلفاط يوسف، ل''الخبر'' إن ''الضغط على الحكومة مستمر، لكن الحركة الاحتجاجية التي دعا إليها الجناح غير الشرعي للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين لا تخدم الخبازين، لأن ملفنا مطروح على مستوى وزارة التجارة للفصل فيه قريبا''. وقدرت لجنة الخبازين نسبة الاستجابة للإضراب ب20 بالمائة، في الوقت الذي استغل فيه مضاربون الفرصة وباعوا الخبزة ب20 دينارا. وفي ولايات الغرب تحول الخبز، أمس، إلى مادة نادرة بفعل الاستجابة الواسعة للإضراب الذي دعت إليه اللجنة الوطنية للخبازين، وباستثناء ولاية مستغانم وبدرجة أقل ولايتي معسكر وسيدي بلعباس، استجاب خبازو معظم ولايات الناحية الغربية للبلاد لنداء الإضراب الذي قررته لجنتهم ليوم واحد قابل للتجديد والتمديد مستقبلا، حيث عاشت وهران يوما بلا خبز، بعد أن أغلقت أغلب المخابز أبوابها في وجوه الزبائن الذين تهافتوا بشكل غير مسبوق على أصحاب محلات الخبز السوري محدودة العدد، فضلا عن اعتماد بعض ربات البيوت على طريقة العجن بشكل اضطراري. وحسب منظمي الإضراب، فإن نسبة الاستجابة فاقت 85 بالمائة في الولاية، ما أثر بشكل بالغ على أصحاب المطاعم، ومحلات الأكل السريع، وحتى الفنادق، حيث اعتمد بعض مسيري هذه المرافق على سياسة التقشف في تقديم الخبز للزبائن. ونفس الوضعية عاشتها ولاية تلمسان التي استنجد فيها المواطنون بباعة المطلوع، وبالتحديد في مدينة مغنية الحدودية المشهورة بإنتاج هذا النوع من الخبز، إذ نفدت كميات المطلوع في أوقات قياسية بالرغم من السعر المرتفع المقدر ب50 دينارا للوحدة الواحدة. أما في عين تموشنت فقد كانت نسبة الشلل قياسية خاصة في منطقة بني صاف التي قاربت حدود المائة بالمائة. وفي النعامة، أكدت أرقام مديرية التجارة بأن 21 مخبزة أغلقت أبوابها من أصل 44 مخبزة تنشط بإقليم الولاية. بينما أثبتت المعاينة الميدانية انعدام الخبز في مدينة المشرية التي تُعد أكبر مدينة في الولاية. أما في تيارت فقد قُدرت الاستجابة بنحو 70 في المائة وبدرجة أقل ولاية غليزان التي انقسم فيها الخبازون بين مضربين ومقاطعين للإضراب. وفي ولايات شرق البلاد تباينت أرقام ونسب استجابة الخبازين للإضراب، حيث أكد بوقرن، رئيس فيدرالية للخبازين، أن نسبة الاستجابة لم تتعد 15 بالمائة، والدليل على ذلك تواجد الخبز، حيث قام أغلبية الخبازين المضربين بغلق محلاتهم وصناعة الخبز وبيعه خارج المحلات. وقد وصفت الفدرالية الولائية للخبازين بقسنطينة، فيما قبل الإعلان عن الإضراب انطلاقا من نهار اليوم، بالخروقات القانونية والتصرفات الانفرادية غير المسؤولة والتي تريد إثارة المواطنين، مشيرة إلى أن الذين قرروا شل المخابز في الولاياتالشرقية هم أشخاص غير شرعيين وليس لهم صفة قانونية. من جهة أخرى تحدث مسؤول المكتب الموازي، بوداح عبد الرحيم، عن استجابة قوية بلغت 90 بالمائة على مستوى الولاية والعديد من الولاياتالشرقية، ووصلت إلى حد 100 بالمائة في الكثير من البلديات التي تبنت شعار ''يوم بدون خبز''، مشيرا إلى أن تواجد الخبز سببه قيام بعض الجهات بنقل مادة الخبز الموجودة في مناطق عديدة من ميلة إلى داخل الولاية.