يرى المختص في الجماعات الإسلامية، والباحث في المركز الفرنسي للأبحاث الاستعلامية، نتنايل غيار، أن المسلحين في ليبيا يتصارعون من أجل السيطرة على شبكات التهريب في المنطقة ويقومون بعمليات استعراضية لفرض منطقهم. ولم يستبعد، في حوار مع ''الخبر''، أن تلجأ هذه الجماعات إلى اختطاف الأجانب. إلى الآن لم يتم تبني الهجوم على السفارة الفرنسية في ليبيا، ومع ذلك تذهب كل التوقعات إلى توجيه أصابع الاتهام إلى التنظيمات الجهادية وقاعدة المغرب الإسلامي على وجه التحديد، هل تعتقدون أنه الطرح الوحيد القائم؟ اعتدنا على أن تسارع الجماعات الجهادية وقاعدة المغرب الإسلامي بالخصوص إلى تبني العمليات التي تقوم بها ضد مصالح الدول الغربية، وفي اعتقادي أن التدخل العسكري الفرنسي في المالي غيّر المعطيات، على اعتبار أن تغييب أمراء تنظيم قاعدة المغرب الإسلامي المتمركزين في مالي أوجد حاجة الجماعات الجهادية إلى ضرورة إعادة ترتيب أوراقها وإيجاد زعامات جديدة، وقد يكون الاعتداء على السفارة الفرنسية في ليبيا ضمن هذه الخطة التي تسعى بعض الجماعات الجهادية الموجودة في ليبيا تأكيد استمرارها على نهج التنظيم الإرهابي، ومن جانب آخر، أعتقد أن هناك جماعات ممن تضع نفسها ضمن خانة الجهاد تحاول السيطرة على شبكة التهريب المعروفة في الصحراء الشاسعة، ومن ثمة تحاول القيام بعمليات نوعية من أجل الظهور، هذا ما يجعلني أعتقد أن الفترة المقبلة ستشهد عمليات أخرى، ولا أستبعد أن يكون اللجوء إلى اختطاف الأجانب أحد الأساليب المنتهجة للحصول على الفدية والبروز على الساحة الجهادية. ربطتم بين الاعتداء على السفارة الفرنسية والتدخل العسكري في المالي، هل هذا يعني أن فرنسا أصبحت مستهدفة؟ في الواقع ليست فرنسا وحدها المستهدفة، فقد تعرضت السفارة الأمريكية إلى اعتداء أدى إلى مقتل السفير في بنغازي، كما أن المصالح القنصلية الإيطالية تعرضت إلى محاولة اعتداء، والحال أن تدهور الوضع الأمني في ليبيا سمح لمثل هذا الانفلات الذي سهل استهداف التمثيليات الدبلوماسية، وما صعب من مهمة السلطات الليبية استمرار وجود جماعات ترفض الانصياع للقانون الجديد وتسليم السلاح، وهو أحد الرهانات الخطيرة التي تعرقل استتباب الأمن في ليبيا، وفي اعتقادي أنه مع وجود مثل هذه الجماعات التي ترفض الانصياع وتقديم الولاء للمؤسسات الأمنية للدولة الليبية سيكون من غير المستبعد أن تختار طريق إعلان الجهاد ضد المصالح الغربية حتى تجد مبررا لنفسها للإبقاء على السلاح، لأنها في كل الأحوال ستجد نفسها مضطرة للوقوف في وجه المؤسسات الأمنية الليبية، وللإجابة على السؤال ما إذا كانت فرنسا مستهدفة أعتقد أن التدخل العسكري في مالي أحد الأسباب الذي جعل الجهاديين يستهدفون فرنسا، والحال أنه ليس فقط الجهاديين من دعا إلى محاربة فرنسا، وإنما التيار السلفي السياسي، وشهدنا كيف نظم مظاهرات في مصر وتونس وعدد من الدول الإسلامية رفض التدخل في مالي، ما وضعها في قائمة الدول المعادية للإسلام. قلتم إن الجماعات الجهادية ستحاول الاستحواذ على شبكة التهريب في الصحراء الكبرى، هل هذا يعني إمكانية حدوث اشتباكات فيما بين هذه الجماعات؟ نحن نتحدث عن فرضيات استنادا إلى ما حدث سابقا وعلى المعطيات المتوفرة، ومما سبق يمكن افتراض أن الجماعات المتطرفة، التي تعتقد بفكرة الجهاد وضرب مصالح الغرب، قد تجد نفسها في مواجهة مع بعض المرتزقة وميليشيات التهريب التي لا علاقة لها بالجهاد، أو قد يحدث العكس من خلال إيجاد نوع من التحالف فيما بينهم، وهو ما حدث في فترة سابقة مع مختار بلمختار.