اظهر الاعتداء الثلاثاء على السفارة الفرنسية في طرابلس هشاشة الوضع في ليبيا وتنامي المجموعات المتشددة والمليشيات المسلحة المتنوعة الايديولوجيات والمصالح، في ظل ظرف اقليمي يميزه التدخل الفرنسي في مالي ضد المجموعات الاسلامية المسلحة.ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في تشرين الاول/اكتوبر 2010، تعاظم نفوذ الاسلاميين الليبيين الذين سيطروا على ترسانة اسلحة هامة اثناء النزاع الليبي.وتجسد تاثير هذه المجموعات المتطرفة خصوصا في الهجوم الدامي يوم 11 ايلول/سبتمبر 2012 على القنصلية الاميركية في بنغازي (شرق) الذي قتل فيه السفير الاميركي كريس ستيفنز وثلاثة اميركيين آخرين اضافة الى العديد من الاعتداءات الاخرى التي استهدفت مصالح غربية.واعتبر انتوني سكينر المدير المسؤول عن شركة مابلركروفت لتحاليل المخاطر والبحوث "ان بعض مجموعات المنطقة لديها دافع قوي لمهاجمة السفارة الفرنسية في طرابلس مثل القاعدة في المغرب الاسلامي وجماعات اسلامية مرتبطة بها مثل حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا".وكانت الجماعات الاسلامية المتطرفة المسلحة مثل القاعدة وحركة التوحيد التي استهدفها التدخل الفرنسي في مالي، هددت بالانتقام من خلال مهاجمة المصالح الفرنسية.وهجوم الثلاثاء الذي خلف جريحين بين عناصر الدرك الفرنسي "يمكن ان يكون ردا على الحملة الفرنسية في مالي"، بحسب سكينر.واشار الى ان "ما يلاحظ وهذا ربما ليس محض صدفة، ان الهجوم وقع بعد يوم من مصادقة البرلمان الفرنسي على تمديد نشر القوة الفرنسية في مالي".لكن المحلل الليبي ومدير مركز الدراسات الافريقي فرج ناجي اعتبر انه "السذاجة التركيز على خيط الجماعات الجهادية مثل القاعدة".ويقر ناجي انه هناك "تعاطف" من بعض الجماعات الاسلامية الليبية مع الجماعات الاسلامية في شمال مالي مشيرا في المقابل انه "في الان نفسه هناك شعور اعتراف بالجميل تجاه فرنسا" التي كانت رأس حربة العمليات العسكرية للتحالف الدولي الذي اسهم بشكل واسع في اسقاط نظام القذافي.ولم يستبعد المحلل الليبي ان يكون انصار النظام السابق وراء اعتداء الثلاثاء واضاف متسائلا "كيف يمكن تفسير انه حتى الان لم تستهدف الاعتداءات سوى البلدان التي شاركت في العملية العسكرية للتحالف الدولي" ضد نظام القذافي.واشار ناجي الى ان الهجوم على السفارة لم يتم تبنيه حتى الان "ومثل هذه الاعتداءات عادة ما تتبناها المجموعات المتطرفة او الارهابية مثل القاعدة".لكن بعض المحللين يشيرون مع ذلك الى انه بفضل ترسانة اسلحة النظام السابق فان بعض المجموعات المتطرفة التي تشكلت في ليبيا اصبحت اهم من المجموعات الاخرى في المنطقة مثل القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، وهذه القوى التي تشكلت في ليبيا اصبحت تتحرك باستقلالية.بل ان هناك علاقة نسجت بين هذه المجموعات الليبية ومجموعات متطرفة اخرى في شمال افريقيا وظهرت آثار تلك العلاقة بعد عملية خطف الرهائن الدامية في مصنع تيقنتورين بصحراء جنوب شرق الجزائر التي تبنتها مجموعة "الموقعون بالدماء" بزعامة مختار بلمختار احد مؤسسي القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي.وعلى المستوى الليبي المحلي حدث الاعتداء على السفارة الفرنسية في ظرف متوتر بعد ان اعلنت السلطات الحرب على مليشيات الثوار السابقين في طرابلس والتي اصبح معظمها يتحرك بدوافع مالية.وترفض هذه المليشيات التي تستقوي بسلطة السلاح والتي يتشكل معظمها من ثوار سابقين قاتلوا قوات القذافي، تسليم اسلحتها ولا تتورع عن ارهاب السلطات حال ما تشعر بان مصالحها مهددة.وسوءا تعلق الامر باسلاميين متطرفين او انصار نظام القذافي او ميليشيات اجرامية "فنحن نواجه الكثير من التهديدات والاعداء. ولا يزال من المبكر جدا في الوقت الراهن تحديد مسؤولية جهة بعينها"، بحسب ما اكد محمود الشريف مسؤول امن طرابلس الثلاثاء بعيد الهجوم على السفارة الفرنسية.