الدولة بين خيار استقرار التوازنات المالية أو تهدئة الجبهة الاجتماعية لا يزال سعر البترول يتراجع منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ليزيد من مخاوف الحكومة من اختلال التوازنات المالية للدولة، بالرغم من أن الأسعار الحالية تبقى في مستويات مرتفعة مقارنة بتوقّعاتها لتسيير الميزانية، غير أن انخفاض إنتاج الجزائر من الغاز والبترول غير المتوقّع أخّل بالمعادلة، ليجعلها من أكبر الدول عرضة إلى الإفلاس في حال استمرار تدهور الأسعار. بالمقابل، لا تزال الجبهة الاجتماعية تطالب بزيادات أخرى للأجور، حذّرت جميع الهيئات الدولية من ''الأفامي'' إلى البنك العالمي من الرضوخ لها. وأكد مصدر مسؤول من وزارة المالية في تصريح ل ''الخبر''، أن تعليمة وزير المالية الأخيرة الخاصة بالتوجيهات المتعلقة بإعداد قانون المالية التكميلي لهذه السنة، والسنة المقبلة، أكدت مخاوف الحكومة الحالية من اختلال الميزانية، حيث حرص كريم جودي على إبلاغ مصالحه بعدم إدراج بنود في القانون متعلقة بإعفاءات جبائية أو تخفيضات للحفاظ على مستوى الجباية العادية المحصلة من إدارة الضرائب، في انتظار التأكد من التوقّعات التي نبأت بتراجع في الجباية البترولية. وجاءت أرقام المديرية العامة للخزينة بوزارة المالية، في حصيلتها لشهري جانفي وفيفري لهذه السنة، لتؤكد تراجع مداخيل الجباية البترولية لبداية السنة، والتي قدرت 65, 627 مليار دينار لشهرين فقط، مقابل 519,1 مليار دينار نهاية شهر سبتمبر من سنة 2012، ما يمثل حسب عملية حسابية بسيطة معدل شهري قدر ب 77, 351 مليار دينار بالنسبة للسنة الماضية، مقابل معدل شهري بلغ 82, 313 مليار دينار خلال هذه السنة. وقدّرت الأرقام المقدمة من الخزينة، العجز المسجل خلال شهرين فقط من السنة، ما قيمته 91 مليار دينار. وعلى عكس توقّعات الحكومة، التي أخطأت مرة اخرى في تسيير نفقاتها المشجعة للريع النفطي، جاء انخفاض إنتاج الجزائر من الغاز والبترول، عن مستوى 2, 1 مليون برميل يوميا للبترول، وأقل من 55 مليار متر مكعب للغاز، والمعلن عنه من طرف منظمة الأوبيب، ليخلط جميع حساباتها، خاصة بعد أن تأخرت العديد من المشاريع الخاصة بالتنقيب والاستكشاف عن رؤية النور. كما باءت بالفشل محاولة تعديل قانون المحروقات، الرامية بالدرجة الأولى إلى جلب الشركات الأجنبية لتكثيف قدرات الإنتاج الجزائرية من البترول والغاز، لتأتي بعدها حادثة تيفنتورين وترهن العديد من المشاريع التي كانت مبرمجة لدعم والحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية. بالمقابل، لا زال سعر البترول في تراجع مستمر، حيث كانت أسعاره المرتفعة تغطي على انخفاض الإنتاج، ليتراجع مستواه، أمس، في بورصة لندن، وذلك قبل الإغلاق ب 15, 1 دولار للبرميل، ويستقر عند مستوى 37 ,104 دولار للبرميل، مقابل 40, 104 دولار للبرميل عند الإغلاق لجلسة أول أمس.