هدد، أمس، عمال الأسلاك المشتركة لقطاع الصحة، بتصعيد حركتهم الاحتجاجية وتحويلها إلى إضراب مفتوح في حال رفض الوزارة الوصية تطبيق ''العدل'' في مراجعة منحة العدوى، وتحدوا وزير الصحة بالنزول إلى المستشفيات والتحقق بنفسه من عدد الحالات التي أصيبت بأمراض خطيرة نتيجة تعرّضها المستمر للإشعاعات والأمراض المعدية. أكد غالبية العمال المستجوبين على مستوى مركز مكافحة السرطان ''بيار وماري كوري''، أن الأمور وصلت إلى حد لا يطاق، وكان لتصريحات وزير الصحة الأخيرة التي دعا فيها المضربين إلى استئناف العمل أو الاستقالة، أثر بالغ في نفوس هؤلاء الذين تحدّثوا في التجمّع الاحتجاجي المعتاد عن معاناة مهنية واجتماعية لا تنتهي، بفعل تدني مستوى الأجور التي تتراوح بين 9 آلاف دينار و15 آلاف دينار، وأيضا تجاوزات مسكوت صادرة عن قبل مسؤولي القطاع. وجاءت ''فرصة'' الإضراب لكشف المستور على حد تعبير أحدهم الذي قال إن الوزارة ''عوض أن تعاقب الموظفين الذين يستخدمون الوسائل الطبية الموجودة في المصالح الاستشفائية، بما فيها مركز بيار وماري كوري في عمليات تجرى على مستوى العيادات الخاصة، وبدل أن يتدخّل الوزير لوضع حد للقرارات الجائرة الصادرة عن رؤساء المصالح، فضل إعطاء أوامر بالخصم من الراتب''. ويضيف المعنيون بأن العون متعدد الخدمات أضحى يفعل كل شيء في المستشفى، فهو ينظف المصلحة ويغسل المتوفين من المرضى ويكفنهم، ويعطي الحقن عند الحاجة. ورغم ذلك، لا يكون له الحق في منحة العدوى، علما أن 30 مستخدما منتمين للأسلاك المشتركة، فارقوا الحياة في السنوات القليلة الماضية، متأثرين بمرض السرطان بسبب استنشاقهم للمواد المستعملة في العلاج الكيميائي، وتعرّضهم للإشعاع أثناء جلسات العلاج. وحسب شهادات المحتجين، الذين رفضوا أن تذكر أسماؤهم خوفا من التبعات الإدارية، فإن معظم العاملين في الوسط الاستشفائي حاملون لمرض التهاب الكبد الفيروسي، وغيرها من الأمراض المعدية، دون أن يحظوا بأي رعاية صحية، وجلهم رفضت الإدارة منحهم مناصب مكيفة أثناء فترة العلاج، مثلما توصي به هيئة طب العمل، ما يعني تعريض حياتهم وحياة الأشخاص الأصحاء في محيطهم المهني للخطر. ومعلوم أن نقابات القطاع المضربة، في الفترة الحالية، تطالب بتعميم الاستفادة من منحة العدوى وبأثر رجعي منذ 2008، مع توحيد قيمتها بالنسبة لجميع مستخدمي قطاع الصحة العمومية، مهما كان مستواهم العلمي ومنصبهم، لأن العدوى لا تفرّق بين الأفراد. من جهتهم، نظم عمال الأسلاك المشتركة لقطاع الصحة، أكبر اعتصام لهم في مستشفى لمين دباغين (مايو سابقا)، حضره آلاف العمال الوافدين من مراكز استشفائية بالعاصمة، ومن ولايات أخرى، بعدما منع عمال قادمون من 5 ولايات من الالتحاق بزملائهم، فيما قامت قوات الأمن بتطويق المستشفى لمنع خروج العمال إلى الشارع. ونفذ آلاف العمال، أمس، تهديديهم بالاعتصام داخل مستشفى مايو بعد التاريخ الذي حددته التنسيقية خلال اجتماعها، نهاية الأسبوع الماضي، حيث تمكّن المئات منهم ممن يعملون في المراكز الإستشفائية بالعاصمة، من التنقل إلى المستشفى صباحا، وهو ما تمكّن منه أيضا زملاؤهم من بعض الولايات، حيث شاركوا في التجمع. فيما تم توقيف حافلات بالطريق السيّار لعمال قدموا من 5 ولايات مُنعوا من الدخول إلى العاصمة، إلا أن العدد الوافد تمكّن من تنظيم وقفة هي الأكبر لعمال الأسلاك المشتركة لقطاع الصحة منذ انطلاق الاحتجاجات، أين طغت قوة العدد على التجمع، ما أربك السلطات المعنية التي سارعت إلى احتواء غضب العمال بتسخير قوة عمومية أكثر مما جرت عليه العادة، أين كانت سيارات الشرطة التي تنقل فرق مكافحة الشغب تصل تباعا إلى المستشفى لمنع خروج العمال إلى الشارع تخوفا من حدوث أي انزلاق. وذكر الناطق الرسمي للتنسيقية الوطنية للأسلاك المشتركة، التابعة للاتحاد العام للعمال الجزائريين، منير بطراوي، ل ''الخبر''، أن اللقاء الذي جمعهم بلجنة وزارة الصحة، الذي حضره رئيس الديوان ومستشار الوزير ومدير الموارد البشرية، لم تخرج بنتائج إيجابية، فيما يتمسّكون هم بضرورة الاستفادة من منحة العدوى بالنظر للأخطار التي يتعرّضون لها، وهي المنحة التي أقرتها الحكومة لكل أسلاك الصحة، بالإضافة إلى مطلب إعادة النظر في القانون الأساسي وإلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل، وإدماج 53 ألف متعاقد من بين 113 ألف عامل بالأسلاك المشتركة بقطاع الصحة. وأعلن المتحدث في الأخير، عن برمجة وقفات أخرى قريبا أمام وزارة الصحة ومديرية الوظيف العمومي.