تتوقع الأوساط السياسية في ليبيا أن يتقدم محمد المقريف بالاستقالة من رئاسة المؤتمر الوطني، بحر الأسبوع الحالي، وهي أعلى هيئة سياسية في ليبيا، باعتبارها البرلمان المؤقت الذي يشرف على صياغة الدستور الجديد، فيما يعتبر رئيس المؤتمر القائد الأعلى للقوات المسلحة، ما يجعله في أعلى منصب سياسي على رأس الدولة الليبية، ما يعني أن استقالته ستكون لها تداعيات مهمة على مستقبل مسار الانتقال السياسي في البلاد. يتزامن تأكيد معلومات استقالة المقريف مع الحديث عن إجراء رئيس الحكومة علي زيدان جملة تعديلات وزارية تشمل عددا من الحقائب بما فيها السيادية، وذلك تحسبا للشروع في تطبيق قانون العزل السياسي المقرر الشهر القادم، والذي يحظر على كل من تولى مناصب المسؤولية في عهد النظام السابق تولي مهام قيادية أو مراكز سامية في مؤسسات الدولة. ويرى المراقبون أن تولي المقريف منصب رئيس لديوان المحاسبة في فترة حكم القذافي، قد يكون وراء إعلان استقالته طواعية وقبل بروز دعوات لإقالته، رغم أن الكثيرين من أنصار رئيس المؤتمر يرون أنه المقريف اختار طريق معارضة نظام القذافي في الثمانينيات، بعدما تقلد منصب سفير للنظام الليبي في عدد من الدول، ليتحول إلى صفوف المعارضة، الأمر الذي يدفع الكثيرين إلى الاعتقاد بأن دوافع المقريف للاستقالة لا علاقة لها بقانون العزل المنتظر تطبيقه الشهر القادم. ويأتي الحديث عن هذه التعديلات في الساحة السياسية الليبية، على خلفية التدهور الأمني المتزايد والجدل القائم حول نجاعة قانون العزل السياسي، الذي قال عنه محمود جبريل، رئيس وزراء ليبيا السابق، إنه مجحف في حق إطارات الدولة الذين عملوا في ظل النظام السابق، منتقدا القانون الذي قال بخصوصه إنه ''مجرد تصفية حسابات لإزاحة شخصيات بعينها من الساحة السياسية''، معتبرا أنه في حال تطبيق القانون فإنه سيحرم ليبيا من خدمات أكثر من نصف مليون إطار ''ليبيا في أشد حاجة إليهم في الوقت الراهن لإعادة بعث المؤسسات وبناء الدولة''. وكان المؤتمر الوطني العام أقر قانون العزل السياسي، بعد ضغط من الجماعات المسلحة التي فرضت منطقها بالقوة للمصادقة على القانون وبعد محاصرة عدد من الوزارات، في اعتقاد من هذه الجماعات بأن الثورة لن تكتمل في ليبيا ما لم يتم عزل كل من كان يتعامل مع النظام السابق. وكان المؤتمر العام صادق على القانون، في انتظار تحديد بقية التفاصيل المتعلقة بمن يشمله القانون وكيفية تطبيقه. ويخشى المتابعون للأوضاع في ليبيا تمادي الجماعات المسلحة والمطالبة بتطبيق قانون العزل على كل من كانت له علاقة بالنظام، وبالتالي المطالبة باستقالة الحكومة الحالية وفي مقدمتها رئيس الوزراء، علي زيدان، باعتباره من الداعين لبقاء عدد من كوادر النظام السابق والسماح لهم بممارسة مهام في مؤسسات الدولة، في تأكيد على أن القانون الذي تمت المصادقة عليه بضغط من الجماعات المسلحة، قد يكون بداية عرقلة المسار الانتقالي، باعتبار أن مؤسسات الدولة الحديثة غير قادرة على ممارسة سيادتها على أرض الواقع.