يكثف مجلس الشيوخ الفرنسي، مساعيه لإعداد تقرير مفصل حول الوضع في مالي ومستقبله على ضوء المعطيات القائمة، وبالتركيز على نظرة الجزائر لما سيكون عليه الوضع عند انسحاب الجيش الفرنسي. تحادث، أمس، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، عبد المالك ڤنايزية، بمقر وزارة الدفاع الوطني مع الرئيس السابق لمجلس الشيوخ الفرنسي، جيرارد لارشي، نائب عن الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، الذي يقود بمعية بيار شوفنمان وفدا من المجلس ضمن مجموعة العمل حول الساحل للجنة الشؤون الخارجية والدفاع والقوات المسلحة. وأورد بيان لوزارة الدفاع الوطني، أنه تم “بمناسبة هذا اللقاء الصريح والودي، التطرق إلى الوضعية بمنطقة الساحل ومختلف المشاكل التي تواجه بلدان المنطقة، لاسيما الإرهاب العابر للحدود والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات”. ويأتي اللقاء بين عبد المالك ڤنايزية وجيرارد لارشي، يوما واحدا بعد استقبال الوزير الأول عبد المالك سلال، أول أمس، عضو مجلس الشيوخ الفرنسي جان بيار شوفانمان في إطار نفس المهمة. وتحادث الطرفان، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية، حول المسائل الإقليمية والدولية، بما فيها منطقة الساحل والوضع في مالي. ويركز الفرنسيون على استقراء نظرة الجزائر للوضع في الساحل، وخصوصا في مالي، أكثر من أي بلد جار آخر، في ظل نقاش في فرنسا يدور بشأن ما سيكون عليه الوضع في هذا البلد بعد انسحاب الجيش الفرنسي من الأراضي المالية، رغم قرار تعويض قواته بقوات من القبعات الزرق الأممية لحفظ السلام، غير أن هواجس الفرنسيين، وعلى رأسهم فرانسوا هولاند، لم تتوقف عند انسحاب قواته من مالي، من حيث أن شكوكا مازالت قائمة من عودة الجماعات الارهابية إلى منطقة الشمال بالخصوص، وقد اعترف الرئيس الفرنسي الذي يواجه متاعب اقتصادية في بلده، بعجزه عن فهم “أين ذهب هؤلاء الارهابيين الذين سخّرت ضدهم باريس ترسانة عسكرية برا وجوا، في حواره الجمعة الماضية. حيث قال “صحيح لا نعرف إلى أين ذهبوا ويمكن أن يكونوا انتشروا في مناطق أخرى كليبيا، ونحن ننسق مع بلدان مجاورة لمعرفة ذلك”، بينما وجهت باريس جهدا إضافيا للتنسيق مع الجزائر، أكثر من غيرها، وهي تعلم أن العبء الأكبر في مكافحة الارهاب ضمن مجموعة دول الساحل التي انكفى دورها منذ التدخل العسكري الفرنسي في مالي، يقع على الجزائر، من حيث جاهزية الجيش، لذلك تطالب باريس من هذه الدول، بتجهيز جيوشها، حتى وإن كانت تؤمن بأن الحل في مالي يمر عبر الحلول الاقتصادية والتنموية، وليس فقط الحل العسكري. ويعي أعضاء مجلس الشيوخ هذه الحقيقة، التي وردت في تقرير حول مالي سبق وضعه أمام لجنة الشؤون الخارجية في المجلس، أفريل المنصرم، في صورة عشر توصيات، دعت إلى إحاطة الأزمة المالية بما يناسبها من حلول شاملة بعد دراسة مشاكل التنمية في المنطقة، ومساعدة الماليين على تنظيم انتخابات رئاسية تنتج مؤسسات حكم شرعية، ودعمهم في تبني سياسة مصالحة وإبرام عقد وطني بين الفرقاء الماليين. وأورد التقرير حتمية الدور الجزائري في حلحلة الأزمة، بفقرة كان مطلعها أن “الجزائر مدعوة للعب دور محوري من أجل ضمان أمن واستقرار المنطقة”، وأشار كذلك إلى أن “الجزائر الوحيدة التي تملك جيشا كبيرا قادرا على مكافحة الارهاب في الساحل”.