القمح اللين لم يصل إلى مستواه المطلوب وسنفتح نقاشا لتدارس إمكانية إنتاجه بقوة قال رشيد بن عيسى، وزير الفلاحة والتنمية الريفية، إنه يرتقب موسما فلاحيا ناجحا، لاسيما في ميدان الحبوب، انطلاقا من المؤشرات الأولية لحملة الحصاد في عدد من الولايات، مشيرا أن كامل أنواع القمح عرفت تحسّنا في الإنتاج، ماعدا اللين، الذي ظل خارج مستواه المطلوب. واتهم الوزير أطرافا، لم يسمها، بزراعة الإحباط واليأس في البلاد، رغم أن قطاعه حقق نسبة 72 بالمائة من الوفرة الغذائية. ما هو تقييمكم للموسم الفلاحي لهذه السنة، ولاسيما فيما يتعلّق بمنتوج الحبوب ؟ - المنتوج خلال عام 2013 سيكون جيدا انطلاقا من عدة مؤشرات، بينها المناخ، إذ كانت الأمطار في عدد كبير من المناطق في وقتها، إلى جانب مؤشر التحسن في عمل الفلاحين، من جانب أن التقنية بدأت تطبق أحسن فأحسن نتيجة المرافقة والتنظيم، إلى جانب تحسّن المردود الإنتاجي. وفضلا عن هذه المؤشرات، بدأ نادي الخمسين الذي يضم الفلاحين الممتازين، يحقق نتائج تزيد عن 50 قنطارا في الهكتار، ناهيك عن بروز مؤشرات التجاوز التقليدي لطريقة استعمال البذور وبداية توسع طريقة استعمال السقي الحديث. وعلى هذا الأساس، فإن الإنتاج سيتجاوز ما تم تحقيقه خلال السنة الماضية، أي يقارب 50 مليون قنطار في مجال القمح. فاتورة استيراد القمح بالجزائر ارتفعت ب11.5 بالمائة، وواردات القمح خلال الأربعة أشهر من 2013 قدرت ب 700.03 مليون دولار، في وقت تقول فيه وزارة الفلاحة إن إنتاج القمح عرف تحسّنا، كيف تفسرون هذا التناقض؟ - إنتاج القمح الصلب تحسّن كثيرا والأمر نفسه بالنسبة للشعير، دون أن ننسى إنتاج الذرة. ولكن مقابل ذلك، لم يصل إنتاج القمح اللين إلى مستواه المطلوب. لذلك، فنحن منشغلون بتقييم هذا الأمر، على أن يفتح نقاش واسع خلال الأيام المقبلة بخصوص القمح اللين، يتضمن الدعم المطابق لإنتاج هذا النوع من القمح والوسائل الجديدة التي ستستعمل لإنتاجه. ومع ذلك، نقول إن الشيء المهم قد تحقق، وهو أن إنتاج الحبوب تحرك وبدأت بعض المناطق تكشف عن قدراتها. وماذا بخصوص استهلاك القمح؟ - مقابل معطيات الإنتاج، هناك الاستهلاك، ولابد أن يعرف الجزائريون أن الاستهلاك في نمو متزايد، وأن الخبز مدعم وأن ظاهرة التبذير موجودة. لكن ما هو تعليقكم على فاتورة استيراد القمح؟ - الفاتورة لا تزال عالية ونحن بصدد العمل لتقليصها، فلا يجب أن ننسى أن التغذية في الجزائر أساسها القمح، وهي في تطور يومي. كما أن هناك دعما للقمح من قبل الدولة، فالتخلي عن هذا النمط الغذائي مرتبط بوفرة مواد غذائية أخرى. ومع ذلك، فهناك بوادر عن بداية تغير النمط الغذائي للجزائريين، بدليل وجود مواطنين بدأوا يميلون إلى استهلاك الخبز الكامل. وموازاة مع ذلك، هناك تجدد في رسم الأهداف في العمل الفلاحي، يرافقه وعي جماعي لضرورة تحسين التمهين في العمل الفلاحي أيضا. هل مؤشرات النمو المحققة في القطاع الفلاحي انطلاقا من شعبة القمح والحليب، كافية لنقول إن الجزائر قادرة على تحقيق اكتفاء ذاتي في غضون الخمس سنوات المقبلة؟ نحن خرجنا من سياسة الإحباط واليأس إلى سياسة التحدي، وهذه السياسة لابد أن تتوسّع. وثانيا، إنه في خلال أربع سنوات الأخيرة حققنا معدل نمو سنوي بلغ 08،13 بالمائة، مع العلم إن توقعاتنا للنمو خلال برنامج 2009 2014 كانت محصورة في 08 بالمائة، ما يعني أن هامش التقدم وتحقيق النمو ما يزال واسعا، وهذا ناجم عن روح التجديد وحل بعض المشاكل التي كانت قائمة كالعقار والتنظيم، فضلا عن تقريب الصناعة التحويلية من المنتجين. ولكنني أشير أن كلمة الاكتفاء الذاتي يراد من ورائها تحقيق أغراض سياسية. أما تحقيق الأمن الغذائي، فيمر أولا عبر توفير الدولة للغذاء عبر كامل التراب الوطني، سواء بالإنتاج الوطني أو الاستيراد. فإذا نظرنا إلى الأمن الغذائي الوطني من هذه الزاوية، فإنه مضمون. أما النقطة الثانية من الأمن الغذائي أو الوفرة الغذائية، فتتعلق بما هي نسبة ما هو منتج وطنيا وما هو مستورد. إذا أخذنا قيمة الوفرة الغذائية الوطنية، نجد أن 72 بالمائة منها حققناها سنة 2012، أي منتجة وطنيا و28 بالمائة مستوردة. ولكن مع ذلك، أقول إن هناك أطرافا أو جهات ما تزال تواصل زرع الإحباط واليأس في الجزائر لعرقلة التقدم المسجل في التنمية الريفية، بينها أطراف مشككة في عدم قدرة الجزائر على تحقيق أمنها الغذائي. أما المفهوم الثالث في سياق الحديث عن الأمن الغذائي، فيتمثل في ترك السوق على حالها، ولكن يجب التحكم في أدوات العمل، وهنا يجب استعمال العلم والتكنولوجيا والقيام بالعمل الاستشرافي، بالعمل على معرفة قدرات الأشياء الموجودة وتلك المرتقب حدوثها. ولكن بقدر ما نثق في أنفسنا، نستطيع رفع التحدي ونعمل. سبق لكم أن تحدثتم عن مقاربة فلاحية شاملة، مفادها ضرورة تجاوز نظرية (الجزائر المفيدة) التي عملت بها فرنسا إبان الحقبة الاستعمارية، من خلال تجاوز أكثر للمركزية والالتفات إلى الريف، هل تقصدون أن كل مناطق التراب الوطني معنية بالمشاركة في التنمية الفلاحية؟ - نعم، أردت من وراء ذكر نظرية “الجزائر المفيدة”، تمرير رسالة جزائرية قوية خلال الثورة التحريرية، بينت أن الوطن واحد والتنمية لن تكون شاملة وكاملة ومستدامة إلا إذا لمست كل مناطق الوطن دون إقصاء ودون تهميش. وهذه الرسالة نجدها في كل مسار الجزائر المستقلة وعبر عنها بعدة طرق، بينها انعقاد دورات مجلس الوزراء في عدد من ولايات الوطن في السبعينيات، كما عبّر عنها بالبرامج الخاصة، كبرامج تنمية الهضاب، المناطق الصحراوية، وغيرها. ومن الناحية السياسية، هذه النظرة ما تزال متواصلة ومعمولا بها إلى اليوم. أما الرسالة الثانية التي أردت تمريرها، فهي أنه لا توجد فضاءات في الجزائر دون مستقبل، أي فضاءات دون مشاريع، لأننا نؤمن بأن كل فضاء من هذا الوطن له قدراته. وبالتالي، نحن نريد اكتشاف قدرات كل منطقة في الفلاحة، قد تكون بشرية، طبيعية، بيئية.. وبناء عليها، نطلق مشاريع بغية انجاز الثروة، وهذا يعني تجاوز النظرة الدونية في تعاملنا مع الآخرين. وهذا العمل من شأنه أن يقوّي مصالحة الأشخاص مع وطنهم ومع ذواتهم، ومع المستقبل، بمعنى أن كل شخص يصبح فرحا بمنطقته وكل شخص يشارك في تطوير منطقته. أما الرسالة الثالثة، فتتضمن رسالة في شكل نداء لكل من بإمكانه اكتشاف وتنمية القدرات، وهو مشروع كبير يسير لأجل بناء اللامركزية، بدليل أن قانون البلدية والولاية يعطي الفرص للعب دور أكبر لتقوية دينامكية التنمية. أين وصلت عملية تنفيذ عقود النجاعة للتجديد الفلاحي والريفي؟ - عقود النجاعة هي وسيلة لتقوية التكامل، سواء على المستوى الجهوي أو المحلي أو الوطني، فهي عقود تجمع عدة فاعلين حول هدف، وتفرض عليهم من جهة أخرى معرفة أدق بالواقع، نقوم بتقييم هذه العملية كل 03 أشهر ووصلنا إلى الحصة 18 وعرفنا نقاط القوة والضعف. مثلا، عندما نقول إن ولايات الجنوب كان مردودها 18 بالمائة من الإنتاج ومناطق الهضاب، 16 بالمائة، والمناطق السهلية 43 بالمائة، فهذا يكشف عن خريطة جديدة للفلاحة. وفي إطار عقود النجاعة، لدينا برنامج لتقييم كل بلدية على حده بخصوص منتوجها الفلاحي ومدى تقدمها وتأخرها. يشكو عدد من الفلاحين بولايات الجنوب من عراقيل بيروقراطية، ما هو ردكم على ذلك؟ - قلنا للفلاحين في الولايات الصحراوية، إنه يوجد أمامكم تحدي، حيث شاركتم بنسبة 18,03 بالمائة، ونحن متيقنون أنكم في خلال السنوات المقبلة قادرون على المشاركة في الإنتاج الوطني ب30 بالمائة، لأن كل الإجراءات اتخذت على كل المستويات لتحقيق هذا الهدف. أما ما تعلق بفلاحي ولاية ورڤلة، فما يتحدّثون عنه لا أساس له من الصحة، لأنه منذ يومين فقط قمت بالتوقيع على قرارات استفادة 75 فلاح بالمنطقة من محيطات فلاحية لإنشاء مزارع جديدة، تتراوح مساحتها بين 10 إلى 500 هكتار للواحدة، والصحراء لها مستقبل واعد وكبير في الفلاحة. هل فاتورة استيراد مواد الصويا والذرة المخصصة لأعلاف الدواجن، ما تزال لها علاقة بارتفاع أسعار لحوم الدجاج؟ - أسعار الدجاج عرفت انخفاضا مند شهور، وذلك راجع إلى إلغاء الرسوم على الأعلاف الخاصة بالدواجن التي عرفت ارتفاعا في السوق الدولية، فضلا عن عامل نوعية التمهين التي عرفت تطورا في المجال، فضلا عن كثرة الإنتاج. ولكن الشيء الجديد، هو أن اللحوم الحمراء، ولاسيما لحم البقر، بدأ يعرف هو الآخر انخفاضا، ليتراوح سعر الكيلوغرام بين 450 إلى 900 دينار، وهذا راجع إلى ظهور فرع جديد للحوم الأبقار، فضلا عن ظهور مستثمرين يستوردون الثيران ويقومون بذبحها، ما يعني أن لحم البقر سيتواصل انخفاض أسعاره.