أجلت محكمة الجنايات بالعاصمة، أمس، النظر في قضية والي وهران الأسبق، بشير فريك، وأمرت بإلغاء قرار القبض الجسدي على المتهمين الثلاثة في القضية. وشهدت أطوار الجلسة التي لم تتجاوز نصف الساعة، مشادات بين الدفاع وممثل النيابة العامة. ودار في البداية جدل حاد بين رئيس الجلسة والمحامين ميلود براهيمي ومقران آيت العربي وأمين سيدهم، حول مسألتين. الأولى تتعلق بقرار المحكمة، عشية الجلسة، تعيين محام ليرافع في اليوم الموالي عن مدير أملاك الدولة الأسبق بوهران، حسان بلاص. والثانية متصلة بأمر النيابة بالقبض الجسدي على المتهمين، وهو إجراء يطبق على المادة الجنائية، بينما التهمتان اللتان يتابع بسببهما الثلاثة، جنحة وهما “تبديد أموال عمومية” و«المشاركة في التبديد”. وثارت ثائرة براهيمي المدافع عن فريك، وهو يبدي ملاحظاته حول المسألتين، إذ قال: “أين تتجه البلاد بهذه التصرفات.. الملف يتضمن قنطارا من الوثائق، فكيف يمكن لأي محام أن يحضر مرافعاته في أقل من 24 ساعة؟ !!”. وأضاف: “لا يمكنني المرافعة في هذه الظروف لأنني سأكون متواطئا في مسرحية”. وندد ب“هذه الإهانة، فهؤلاء (المتهمون) متقاضون وليسوا أعداء، ولا يجوز أن نتعامل معهم بهذه الطريقة”. وقال آيت العربي، المدافع عن فريك، بنبرة تذمر: “إنني أندد بهذا التعسف، فقانون محاربة الفساد (صدر في 2006) ألغى القبض الجسدي عندما يتعلق الأمر بتهمة الجنحة، والمتهمون في الحالة التي بين أيدينا، ينبغي أن يأتوا إلى المحاكمة طلقاء أحرارا”. والتمس من القاضي رئيس الجلسة تأجيل القضية إلى الدورة الجنائية المقبلة (احتمال أن تكون في أكتوبر المقبل)، مع رفع الأمر بالقبض الجسدي عن المتهمين. ومن جهته، ذكر أمين سيدهم، محامي الطيب العوفي، مدير الوكالة العقارية بوهران سابقا، أن قرار النيابة القبض جسديا على المتهمين (إيداعهم السجن قبل ساعات من انطلاق المحاكمة)، “يعتبر أحد السوابق الخطيرة في تاريخ القضاء”، مشيرا إلى أن النيابة مطالبة بالتعامل مع قانون محاربة الفساد الذي يعتبر تبديد المال العام جنحة، بعد أن كان في قانون العقوبات جناية. وتساءل: “هل نحن في جمهوريتين أم في جمهورية واحدة؟ !”. وظل قاضي النيابة يتلقى هجومات متتالية من المحامين، إلى أن فسح المجال ل “الدفاع” عن نفسه. وحينها قال إنه أمر بالقبض الجسدي على المتهمين بناء على قرار إحالة القضية الصادر عن المحكمة العليا، التي وافقت على الطعن بالنقض في عقوبة السجن 7 سنوات التي صدرت في 2002 ضد فريك. بعدها أعاب براهيمي على النيابة كونها “تريد تطبيق القانون ميكانيكيا، وهذا مفهوم خطير للعدالة”. ثم رد عليه ممثل النيابة: “أنا أتحلى بالأخلاق ولا أريد الخروج عن ملف القضية ولا تشخيصه”. وازدادت حد التوتر لما رد عليه براهيمي قائلا: “أنا أكبر سنا منك وما كان ينبغي أن تقلّ الاحترام، ولست في موضع يسمح لك بإعطائي درسا في الأخلاق”. عند هذا الحد، تراجع قاضي النيابة مفضلا تهدئة الجو الذي ساد المحاكمة، وأعلن رئيس الجلسة تعليقها للمداولة، ثم عاد بعد 15 دقيقة ليعطي قراره.