السيوف تعوّض الخناجر والماء الساخن وسيلة دفاع المرأة عن نفسها أكد البروفيسور رشيد بلحاج اختصاصي في الطب الشرعي بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، أن العنف الذي يشهده المجتمع الجزائري حاليا أخطر بكثير من الإرهاب ، مشيرا أنهم استقبلوا بالمصلحة التي يزاول بها، 8600 حالة عنف خلال سنة واحدة، وهي 2011، شكلت حالات العنف المتعمّد نسبة 65 بالمائة منها ، ليضيف أنه إذا لم تبادر السلطات العمومية إلى اتخاذ إجراءات ردعية ينتظر استعمال الأسلحة النارية كوسيلة عنف في المستقبل القريب. أكدت نتائج دراسة قامت بها مصلحة الطب الشرعي بمستشفى مصطفى باشا الجامعي حول المنحى الخطير الذي اتخذته ظاهرة العنف وسط المجتمع الجزائري، أن السبب الرئيسي لذلك راجع إلى تحطم تدريجي للخلية الأساسية الممثلة في الأسرة، إلى جانب تحطّم قيم المدرسة الجزائرية، حيث اتجهت الأسرة إلى مجابهة الضغوطات التي تقابلها يوميا، كما انحرف المعلم عن مهمة التربية والتعليم وبات يسيّر أقساما مكونة من 50 تلميذا يصعب التحكم فيهم، كل ذلك عوض المهام الرئيسية التي كان من المفروض أن يضطلع بها كل منهما، وهو ما فتح المجال لتفشي العنف الأسري والمدرسي ليتشعب إلى أنواع أخرى قد تتطور في المستقبل القريب، ولتبلغ ذروة تحلل المجتمع الجزائري حسب ما أكده لنا البروفيسور بلحاج من مصلحة الطب الشرعي لمستشفى مصطفى باشا. وعن نوعية العنف الذي بات يعرفه المجتمع الجزائري أكد البروفيسور بلحاج أنه مقسم إلى عنف لا إرادي وآخر إرادي وهو الذي بات في انتشار ملحوظ ، ويتصدره العنف الأسري ممثلا في الشجارات المتواصلة بين أفراد الأسرة الواحدة كضرب الكنّة لحماتها أو الابن لوالدته أو الزوج لزوجته وهي حالات تصل يوميا مصالح الطب الشرعي. يأتي بعده العنف الجواري الذي أخذ منآى بعيدا في السنوات الأخيرة، حيث لم يعد للجار القريب الذي كان أعز من القريب البعيد قيمة، بل بات العنف هو سمة العلاقات الجوارية، إلى جانب تفشي ظاهرة العنف بين الأحياء وكذا على مستوى المناطق العمومية مثل الحدائق، مع استعمال الأسلحة البيضاء “خناجر “ بكثرة . إلى جانب الظاهرة الجديدة الممثلة في استعمال السيوف والتي نتساءل ما إذا كانت لها علاقة بالأفلام التي يشاهدها هؤلاء ، أم أن لها تأثيرا نفسيا ممثل في اكتساب صفة البطل لمن يستعملها. وتجدر الإشارة إلى أن الآلات الحادة احتلت صدارة الوسائل المستعملة حاليا حسب نتائج الدراسة، إلى جانب الآلات “الراضة” حسب التسمية القانونية التي احتلت الرتبة الثانية في الآلات المستعملة ضمن الدراسة والممثلة في العصي والعصي الحديدية و«كريك” و«مانيفار” السيارات، حيث أشار بلحاج أنه في الوقت الذي كان من المفروض أن يتزود أصحاب السيارات بعلب صيدلانية مثلا، “نجدهم يستغنون عنها في أغلب الأحيان لكن لا يستغنوا عن العصي التي باتت متواجدة بكل سيارة “ يضيف بلحاج. كما أشار محدثنا أنه في الوقت الذي يستعين فيه الرجال بالعصي والسيوف تلجأ النسوة إلى طريقة مغايرة تماما، حيث يعمدن للاستعانة بالماء الساخن جدا لرميه على غرمائهم من الجيران أو من أفراد العائلة أثناء الشجارات، ليؤكد على أنه إذا لم نتوصل إلى حل يوقف الظاهرة سنصل في المستقبل القريب إلى استعمال للسلاح الناري و هو ما يعتبره بلحاج “انفلات للأمور”. خمسيني وأب 05 أطفال يعتدي جنسيا على صديقة ابنته نوع آخر من العنف حدثنا عنه اختصاصي الطب الشرعي ممثل في العنف الجنسي الذي تستقبل يوميا مصالح الطب الشرعي عشرات الحالات منه، و من الحالات التي استقبلوها صغيرة تدرس بالطور التكميلي كانت ضحية اعتداء جنسي من قبل جارهم الخمسيني ووالد زميلتها في الدراسة، حيث كان يتولى الرجل نقل ابنته بالسيارة إلى مقر دراستها ولم يجد مانعا في اصطحاب ابنة الجيران التي تدرس معها في قسم واحد، لينفرد بها في أحد المرات ويعتدي عليها جنسيا، ولم يشفع لديه سن الصغيرة التي كانت في عمر ابنته ، و لا أبوّته لخمسة أطفال وهو دليل على انحلال منظومة الأخلاق عندنا حسب اتفاق المختصين. نوع آخر من الجريمة الذي بات يسجل لدى مصالح الطب الشرعي ويتمثل في الجريمة المنظمة باستعمال القصّر في مختلف أنواع العنف، مثل سرقة المنازل أو الاعتداء على المارة ، إلى جانب شبكات الدعارة مثل حالة السيد “م . ن “ الذي قصد مصلحة الطب الشرعي لمستشفى مصطفى باشا بعد تعرضه لعنف مجموعة أشخاص استولوا على سيارته وماله بعدما استدرجته فتاة تعرّف عليها إلى غابة بوشاوي. وهنالك اغتنمت فرصة انشغاله لتضع له منوما في المشروب الذي تناولاه بقاعة شاي هناك ، لتستعين بعدها بأفراد المجموعة الذين كانوا يترصدون بمكان غير بعيد عن موقع الحادثة، حيث أشبعوا الضحية الذي بدأ يفقد وعيه ضربا وتركوه مرميا هناك بعدما استولوا على سيارته وما معه من مال. كما تلقت ذات المصلحة فتيات لا يتعدى سنهن ال 17 سنة خريجات سجون وينتمين لشبكات دعارة تم حجزهن لمدة أيام وتعرضن لعنف جنسي عنيف، تمكّن من الهرب والتوجه لمصالح الطب الشرعي. وتبقى الاشارة إلى الزيادة المسجلة من سنة لأخرى في حالات العنف حيث أنه في الوقت الذي سجلت مصلحة الطب الشرعي لمستشفى مصطفى باشا 7000 حالة تقدمت إلى مصالحها، ارتفع العدد إلى 8600 حالة في ال 2011 صنفت 65 بالمائة منها ضمن العنف المتعمّد، مع الإشارة أن هناك رقما أسود للحالات التي لم يرفض أصحابها التبليغ عنها، ناهيك عما تسجله مختلف مصالح الطب الشرعي عبر الوطن، حيث أكد محدثنا أن زملاءه من مختلف الولايات يقروّن على تفشي الظاهرة واستفحالها بكل الولايات. ولم يفوّت البروفيسور بلحاج الفرصة ليحدثنا عن نوع آخر من العنف باتوا يستقبلون عددا كبيرا من ضحاياه ممثل في العنف المعنوي، يتعرض له الجزائريون يوميا مثل تلقيهم يوميا للكلام البذيء على الطريق العمومي لسبب أو لآخر، أو خلال ازدحام الطرقات بالنسبة لأصحاب السيارات وهو عنف يؤدي بطبيعة الحال إلى العنف الجسدي، إلى جانب حالات التحرش الجنسي الذي يتعرض له عدد من الفتيات في أماكن العمل، واللواتي يقصدننا طالبات شهادات طبية رغم أن المشكل المطروح هو استحالة تسليمها لعدم وجود دليل.