لماذا رد الوزير الأول عبد المالك سلال على مسؤول البيض بعبارة “أهدافك هذه متى.. سننتظر القرون الوسطى”؟ هل لأن سلال لا يتقن اللغة العربية؟ الاحتمال وارد لأنها ظاهرة عودنا عليها مسؤولونا رغم مرور عشرات السنين على تعريب المدرسة الجزائرية. وهل هي ردة فعل رجل يقضي ليالي بيضاء لتجنيب الجزائر العودة إلى القرون الوسطى أو أبعد منها أو أخطر؟ الاحتمال وارد إذا اكتفينا بتحليل العبارة من الزاوية النفسية، حيث غالبا ما يقع الإنسان في زلات لسان تعبر عما يدور في لا شعوره أو قلبه أو انشغالاته... دون قصد. أما إذا حللنا حديث سلال من زاوية نجاعة العمل الحكومي، فهو احتمال يعبر عما قاله وزير الاتصال محند السعيد أوبلعيد حول الخطاب الرسمي، حين تساءل كيف يمكنه أن يقنع المواطن وأصحابه غير مقتنعين به. وفي هذه الحالة لم يجد سلال ما يرد به على لغة خشب المسؤول المحلي إلا لغة غير قابلة حتى للفهم. وهل لأن سلال مقتنع بأن الجزائر تجاوزت سيناريو فوز الإسلاميين بالسلطة، ولذلك وجد في عبارة “انتظار القرون الوسطى” أسلوب للكناية على شيء غير قابل للتحقيق، أنجع من عبارة “ينور الملح” أو غيرها...؟ إذا كان سلال من المؤمنين بالتيار الديمقراطي كما قدمه الضابط محمد شفيق مصباح، فهذا الاحتمال كذلك وارد. لكن الواقع يكذب وجود أشخاص في الحكومة الجزائرية يؤمنون بالتيار الديمقراطي وآخرين بالتيار الإسلامي، ولا أشخاص يحنون فعلا لبناء بلداتهم... بل الديمقراطية والإسلام والجهوية... أوتار يلعب عليها مسؤولونا لتبرير بقائهم في مناصبهم وليس أكثر. وإذا أردنا أن نواصل سرد الاحتمالات التي تكون وراء ردة فعل سلال، فلن تنتهي وسنجدها كلها غير كافية إلا احتمال واحد مفاده أن سلال يتقدم على رأس الحكومة إلى الخلف. وهذا واقع لن يثير الكثير من الجدل بما أن المؤشرات المالية التي تقدمها مؤسسات الدولة نفسها تقول بأننا متوجهون نحو العودة إلى أزمة التسعينيات مع تراجع إنتاج البترول وتراجع أسعاره... وهنا لا يستبعد أن يفهم كل المسؤولين الحاضرين مع سلال في البيض الرسالة جيدا، مثلما يفهم ركاب الحافلة آليا رسالة القابض بمجرد دعوتهم للتقدم...