تتواصل فعاليات المهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب، إلى غاية 22 جوان الجاري، بمشاركة 75 عارضا وإن كانوا لا يمثلون مجمل دور النشر الجزائرية، إلا أن الكتب واللقاءات الفكرية للأيام الأولى سلّطت الضوء على التأريخ الموضوعي للثورة الجزائرية عبر آراء مختلفة أبداها جنود سابقون في صفوف الجيش الفرنسي. يتقدم الشهادات الفرنسي كلود جون، صاحب ”شباب عاديون في مواجهة ما لا يطاق” ، وبيار نورا ”فرنسيو الجزائر”، مونيك ريفي وروايتها ”المنحدر المائي” ، جوليان آج الذي يعد أطروحة دكتوراه في التاريخ، ونيلس اندرسون ”الاستلاب الاستعماري” والذي ساند جبهة التحرير، كما ساعد حركة ” المقاومة الفتية” للفارين من الخدمة العسكرية الفرنسية الرافضين المشاركة في حرب الاستعمار على الجزائر، وقد بدا المهرجان بكتبه يقود حوارا نحو تفعيل مفهوم ”التصالح” مع التاريخ سيما الثورة الجزائرية التي تعتبر موروثا إنسانيا. «كتابات الفرنسيين عن الثورة تسيء لتاريخ الجزائر”، هكذا وصف الوزير السابق طالب الإبراهيمي خلال إحدى الحوارات التلفزيونية، المؤلفات الفرنسية التي تتناول موضوع الثورة الجزائرية. لكن يبدو أن للمهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب وجهة نظر مغايرة، حيث تناولت إحدى ندواته، أمس الأول، فضل دور النشر الفرنسية على الثورة الجزائرية، كما أوضحت الندوة التي نشطها مجموعة من الباحثين الفرنسيين أن الكتاب الفرنسي ساهم بشكل كبير في الترويج لثورة أول نوفمبر . قال الباحث الفرنسي نيكولا هوبير المتخصص في دراسة ”تاريخ الناشرين والنشر في فرنسا خلال الحرب في الجزائر”، أن الفترة ما بين 1945 حتى 1962، عرفت نشر حوالي ألف كتاب فرنسي عن الثورة الجزائرية طبعت في دور نشر فرنسية مثل دار نشر غالمار التي تعتبر من أهم الدور التي آمنت بالثورة الجزائرية، كما صدرت عدة كتب عن دار نشر فرنسية بالجزائر مثل ” شارلت” ”فركوز” و«الحكومة المركزية ” وفي فرنسا ” أونتي كونليزاسيون” ، ” فرانسوا مسبيرو” والتي نشرت كتاب لفرانسوا ماسبيرو «المشاهد الإنسانية” وكتاب ”الناشرون والموزعون في فرنسا خلال حرب الجزائر” للكاتب الفرنسي نيكولا ايبار، الذي ستقوم دار الشهاب للنشر بإصداره في الجزائر قريبا والذي يعتبر من أهم الكتب الفرنسية التي دافعت عن الثورة الجزائرية. وسرد الدكتور بجامعة فرساي الفرنسي جوليان أج المتخصص في التاريخ، كيف بدأت عملية دعم الكتاب الفرنسي للثورة الجزائرية، وذلك بعدما أصبحت الصحف التي تحمل مقالات تؤيد استقلال الجزائر تواجه صعوبة التنقل بسبب الرقابة. وجاءت دور النشر لتسهل العملية وتحرر المقالات من الرقابة، حسب جوليان، فالمجمتع الفرنسي وإلى غاية الآن لم يتقبل فكرة الثورة الجزائرية كما قال ”في فترة الثورة ارتبطت جبهة التحرير الوطني في ذهن الفرنسيين بالإرهاب، وقد قامت الكتب الفرنسية بالتعريف بالمفهوم الحقيقي للثورة الجزائرية”. واستشهد جوليان بكتاب ”حرب الجزائر” سنة 1961 والذي صادرته السلطات الفرنسية قبل أن تعود إليه كمرجع خلال اتفاقيات ايفيان بعد أن وجدت في مفاتيح استيعات التعامل مع جبهة التحرير. كما أضاف الباحث الفرنسي أن عددا من الصحفيين الفرنسيين قاموا بدعم الثورة مثل الصحفي الفرنسي روبار بوتو الذي نشر مقالا مدافعا عن حق الجزائر في الاستقلال بصحيفة ”الروح” التي كانت تصدر عن الكنيسة وتم اعتقاله وتوقيفه عن العمل بسبب تضامنه مع مظاهرات 16 أكتوبر 1961. كما تحدث نيلس أندرسون، مؤسس دار نشر لا سيتي، بلوزان عن تضامن دور النشر السويسرية مع الثورة عبر مساندة دور النشر الفرنسية، التي راهنت على استقلال الجزائر للترويج للقضية الجزائرية بالكتب، حيث كان التحدي الحقيقي لها هو الرقابة وقدم المنافذ التي وجدها الكتاب الفرنسيون للوصول إلى القارئ الفرنسي بالقضية الجزائرية. من جهته، فسر مدير دار البرزخ سفيان حجاج الذي أدار الندوة ارتفاع موجة الطباعة الفرنسية التي تتناول الثورة الجزائرية في السنوات الأخيرة، حيث صدرت سنة 2012 حوالي 300 مؤلف فرنسي ثمانين بالمائة، بعضها تناول موضوع حرب التحرير وعشرة بالمائة منها توقف عند سرد الحقبة الاستعمارية كاملة، لتفطن الفرنسيين إلى خطورة الحديث عن الحقبة الاستعمارية مقارنة بحرب التحرير كما قال ”عندما نتكلم عن الحرب، هناك وجهان وعندما نتحدث عن الاستعمار، فهناك دائما وجه واحد، لهذا ففي فرنسا يتحدثون دائما عن قضية حرب التحرير وليس الاستعمار” وأضاف: ”فرنسا تستغل تلك المعادلة التي يمكن من خلالها تصوير المقاومة الجزائرية على أنها جرم ضد الإنسانية” في هذا الإطار أوضح سفيان أن دار البرزخ كانت لها تجربة في نشر كتب عن الحقبة الاستعمارية بعنوان ””تاريخ الجزائر في عهد الاستعمار”.