وجهت النقابات المستقلة تحذيرا شديد اللهجة إلى الوزير زياري، خيَّرته بين الحوار أو التصعيد، بعد فشل اللقاءات التي جمعت إطارات الوزارة مع كل تنظيم على حدة، حيث أطلعوا ممثليها على تعليمات صارمة لطي ملفات تعديل مشاريع القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية، قبل أن "تتهاطل" قرارات التوقيف والخصم على المندوبين النقابيين، بلغت درجة اقتطاع شهر كامل من الراتب في سابقة خطيرة في الوظيف العمومي. قال رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية الدكتور إلياس مرابط: إن الوزارة ظهرت مجددا عاجزةً تماما عن معالجة انشغالات مستخدميها، بالنظر إلى التعليمات التي وجهها الوزير إلى مسؤوليه وهي بمثابة شروط منه لاستئناف الحوار، حيث أبلغ هؤلاء الممارسين بأنه سيتم استثناء ثلاثة ملفات عالقة من المفاوضات، رغم أنها حساسة وكانت وراء مختلف الحركات الاحتجاجية التي شنَّتها النقابة. ويتعلق الأمر بمشروع تعديل القانون الأساسي، حيث فصلت مصالح زياري في المسألة، بتأكيدها أن الملف يتجاوزها، علما أن النسخة المعدلة، يقول مرابط، موجودة حاليا على مستوى مديرية الوظيفة العمومية، وتم إثراؤها وكانت محل اتفاق مع الوزير السابق. كما أغلقت الوصاية ملف النظام التعويضي برفضها التفاوض حوله، وصدم ممثلو الممارسين بحسب مرابط، من ”خرجة” وزارة الصحة فيما يخص تطبيق المادة 19 من القانون الأساسي المتعلقة بالترقية التي لازال ينتظرها 4500 طبيب، حيث حمَّلت النقابة مسؤولية اللجوء إلى العدالة، وجاء على لسان ممثلي الوزارة أن ”النقابة فضلت الذهاب إلى المحكمة الإدارية وعليها انتظار صدور القرار..” وحرص محدثنا في ذات السياق على التأكيد أن الممارسين لجؤوا إلى العدالة بعد أن استنفدوا جميع الطرق السلمية والقانونية، وأن وزارة الصحة هي من خرقت القانون الذي يفرض عليها تنظيم مسابقة الترقية في آجال خمس سنوات، غير أنه بعد انقضاء هذه المدة، وفي 22 ديسمبر 2012 تم إيداع شكوى لدى المحكمة الإدارية. ورفضت الوصاية من خلال مسؤوليها خلال نفس الاجتماع، مناقشةَ ملف تسوية وضعية الصيادلة وجراحي الأسنان بعد صدور القانون الأساسي وتغيير التسمية القانونية لهذين السِّلكين، حيث سيؤدي ذلك إلى القضاء على مسارهم المهني. وشدد ممثلو النقابة على ضرورة رفع العقوبات المسلطة على إطاراتها ومندوبيها النقابيين، قبل أن يؤكد مسؤولو الوزارة أن الأمر يتعلق بحالات معزولة لا دخل للوزارة فيها، حيث أن المسؤولين المحليين اتخذوا هذه الإجراءات بشكل انفرادي، ما اعتبره مرابط أمرا خطيرا يكشف عن ”خلل كبير في تسيير مصالح الوزارة، وانفلات في العلاقة ليس فقط بين زياري وشركائه الاجتماعيين، بل أيضا مع مسؤوليه المحليين”. وهو تماما ما جاء على لسان رئيس نقابة النفسانيين خالد كداد، الذي أكد استياءه من ردة فعل وزارة الصحة الذي اعتبره ”سلبيا” من شأنه العودة بالمفاوضات إلى نقطة الصفر، تبعا لتعليمات وزير الصحة بعدم الخوض في ملفي تعديل مشروع القانون الأساسي والنظام التعويضي. وبالنسبة لمطلب النقابة رفع جميع أشكال الضغوطات، قدم مدير ديوان وزير الصحة، يقول كداد، تطمينات أنه سيرفع هذا المطلب إلى المسؤول الأول عن القطاع لدراسته. غير أن الذي حصل عكس ذلك، حيث صدم عشرات النقابيين أمس وأول أمس، بالخصم من أجورهم، مشيرا إلى أن الوزارة خرقت القانون بخصمها أجور شهر كامل، عشية رمضان، في حين أن القانون ينص على أن الاقتطاع لا يمكن أن يتجاوز ثلاثة أيام. كما تلقى عدد من الإطارات النقابية في ولايات مختلفة، قرارات طرد على غرار ما حصل مع نقابية تعمل على مستوى المؤسسة الاستشفائية المتخصصة في الأمراض العقلية في ولاية تيارت، بسبب ”التخلي عن العمل”، وهو أمر لن يزيد إلا في احتقان الوضع يقول ممثل النقابة، لأنه كشف عن ”أنياب” الوزارة التي تحاول حسبه اللعب على حبلي الحوار وكذا الخصم ”العشوائي” و”الوحشي”. وبناءً على ذلك ومباشرة بعد انتهاء جلسة العمل التي جمعت مساء أمس مسؤولي الوزارة بممثلي نقابة الممارسين الأخصائيين، ناقش ممثلو تنسيقية مهنيي الصحة، إمكانيةَ عقد اجتماع مستعجل لبحث سبل الرد على ”ممارسات” مصالح زياري، ولم يستبعد كدّاد باعتباره الناطق الرسمي باسم التكتل، العودة إلى الاحتجاج أمام مقر الوزارة.