وبن شيخ منحني فرصة اللعب مع أكابر المولودية يتحدث صانع ألعاب فريق شباب بلوزداد، عمار عمور، في هذا الحوار الذي خصّ به $، عن مسيرته الكروية التي تعدّت ال20 سنة، من انطلاقته من فريق مسقط رأسه بعين الحجل بولاية المسيلة، مرورا بمولودية الجزائر وسريع المحمدية وجمعية وهران، قبل تألقه في اتحاد العاصمة وخوضه تجربة في الشرق الجزائري مع أهلي البرج. ويبقى عمور يواصل صنع الفرجة في الملاعب، بتقمصه لألوان شباب بلوزداد رغم بلوغه سن 35 سنة، حيث لا يزال يحتفظ في ذاكرته بعدة أحداث، يكشفها لمحبيه في هذا الحوار، أثناء الزيارة التي قام بها إلى مقر"الخبر". في البداية أين هو عمار عمور، بعد إنهاء الموسم مع شباب بلوزداد؟ أنا هنا في العاصمة، مقيم مع أفراد عائلتي الصغيرة، واستمتع بأيام الراحة قبل العودة مجددا إلى أجواء التدريبات، تحسبا للموسم الكروي الجديد. نفهم من كلامك أنك أجّلت موضوع الاعتزال الذي تحدثت عنه سابقا، وتريد مواصلة مغامرتك مع النادي البلوزدادي، أليس كذلك؟ لعلمكم مازلت مرتبطا بعقد احترافي مع فريق شباب بلوزداد لموسم إضافي، ولهذا قررت مواصلة اللعب معه لموسم آخر. أما بشأن قرار اعتزالي.. صحيح فكرت فيه، إلا أنني أجّلت الفصل في الأمر، لأنني مازلت أشعر بقدرتي على العطاء وتشريف عقدي مع نادي لعقيبة على الأقل لموسم آخر. وعلى ضوء المردود الذي سأقدّمه في الموسم الكروي القادم سأتخذ القرار المناسب، إما المواصلة أو الاعتزال والتوجه إلى نشاط آخر لضمان مستقبل العائلة. هل تفكّر في دخول عالم التجارة، مثلما فعل بعض اللاعبين السابقين، أم لديك مشروع رياضي؟ صراحة فكرت كثيرا في مستقبلي بعد انتهاء مشواري الرياضي كلاعب. وأظن أنني فصلت في الأمر وأحسنت الاختيار في هذا الباب، وأريد أن أحذو حذو اللاعبين الذي شقوا الطريق نحو عالم التدريب. وبما أنني لاعب دولي سابق سأتحصّل على شهادة درجة أولى في التدريب، وسأواصل في تلك المسيرة لأنني أملك طموحات وأحاول استغلال تجربتي في الميادين، مع الدراسة، أيضا، على يد الشيوخ من أجل تسطير مستقبلي في عالم التدريب. تبدو متفائلا من قدرتك على النجاح.. يجب على الشخص أن يؤمن بقدراته ويحاول توظيف الطاقة التي منحها له الخالق. وصراحة أعرف عدة لاعبين، منهم من كانوا أصدقائي في الأندية التي لعبت لها، نجحوا في التدريب، على غرار دزيري بلال، الذي توّج الموسم المنصرم بثنائية مع اتحاد العاصمة، وأيضا منير زغدود ومفتاح محي الدين مع الفئات الشابة. وكم هو جميل أن نساهم في صنع نجوم وأبطال المستقبل. ونحن في بلادنا بحاجة إلى الاهتمام بالتكوين والعمل القاعدي مع الفئات الشبانية. إذا طلبت منك تلخيص مسيرتك الكروية خلال العشرين سنة التي قضيتها لحدّ الآن في الميادين، فمن أين تبدأ الحديث؟ يبتسم.. من الصعب عليّ الحديث عن مسيرتي، وسرد كل المحطات التي عشتها منذ بداية مشواري الكروي مع فريق مسقط رأسي بعين الحجل. وقد أكتفي بالقول إن كرة القدم هذه علّمتني الكثير، جعلتني أعرف “الرجال”، كسبت بها محبة الناس واحترامهم. كسبت المال أيضا، أليس كذلك؟ لا أنكر ذلك، لأن كما تعلمون الذي يلعب كرة القدم في مستوى عال يصعب عليه ممارسة نشاط آخر، أو العمل في إحدى الشركات، نظرا لارتباطاته مع الفريق، سواء خلال التربصات أو التنقلات ما بين الولايات، وحتى خارج الوطن إذا كان فريقه معنيا بالمشاركة القارية. لكن صدّقوني محبة الناس واحترامهم لا يقاسان بثمن، ولهذا نجد أحيانا البعض يملك المال ولكنه يفتقد لمحبة الناس. نريد أن نزيل الغموض عن بعض الأحداث التي عشتها في مسيرتك الكروية، والتي تضاربت الآراء واختلفت الروايات حولها. فهل صحيح أن النجم الأسبق لمولودية الجزائر علي بن شيخ طردك من “العميد”؟ هذا الخبر لا أساس له من الصحة، وتهمة أرادوا أن يلصقوها بالمدرب واللاعب علي بن شيخ. لقد بدأت مشواري الكروي مع فريقي عين الحجل، لعبت له موسما واحد وتنقلت بعدها إلى صنف آمال مولودية الجزائر، حيث بقيت في “العميد” موسمين. ولعلمكم فقد تعرّضت لإصابة مع الآمال أبعدتني عن الميادين مدة شهر كامل، وبعد عودتي من الإصابة، تابعني مدرب الأكابر في تلك الفترة بن شيخ، وقال لي إنني أملك مواهب كبيرة، فقام بترقيتي إلى صنف الأكابر، ولا أنسى فضله عليّ. لكن ماذا حدث بعدها؟ لم أتمكّن من فرض وجودي مع أكابر مولودية الجزائر في تلك الفترة، لأن المستوى كان عاليا جدا، في تعداد يضم كل من بن علي وسلّو ومشري بشير ودوب فوضيل ورفيق صايفي. ولهذا قررت تغيير الأجواء والبحث عن فريق يمنحني فرصة البروز وفرض وجودي معه. فتنقلت إلى سريع المحمدية، فكانت تجربة ناجحة جدا، خاصة وأن المدرب عبد الله مشري ساعدني كثيرا، فلعبت موسمين في “الصام”، الذي كان ينشط هو أيضا في القسم الأول، قبل أن أتحوّل إلى فريق جمعية وهران. البعض يقول إن عمور فجّر كامل قدراته في نادي “لازمو”، هل تشاطرهم هذا الرأي؟ صحيح.. في فريق جمعية وهران تألقت وصرت أصنع الحدث في البطولة، رفقة زميلي نور الدين دهام، خاصة في موسمي الثاني مع النادي الوهراني. وكانت أغلب الأندية تتهافت على خدماتنا. وفي تلك الفترة كان فريق “لازمو” يضم في صفوفه لاعبين ممتازين، وحصل لي الشرف أن لعبت بجانب دحلب وبلعطوي ومزيان، وقد ساعدوني كثيرا على التألق وتفجير طاقتي. وبعدها جاءت التتويجات والألقاب مع اتحاد العاصمة، أليس كذلك؟ فاز رئيس اتحاد العاصمة بصفقة التعاقد معي، ولعبت في نادي سوسطارة سبعة مواسم حققت فيها عدة إنجازات. وكنت محظوظا لأنني احتكيت بأحسن اللاعبين الجزائريين، في فترة 2002 إلى 2005، فكان الاتحاد يسيطر على البطولة الوطنية، وهو ما جعلني أواصل التألق وأطوّر إمكانياتي كثيرا. تألقت بشكل لافت في جمعية وهران، ثم مع اتحاد العاصمة، لكنك لم تنجح في خوض تجربة احترافية في الخارج كما يتمنى أي لاعب طموح. لماذا؟ كانت لديّ بعض العروض من نواد خليجية، عن طريق وكلاء اللاعبين، ولكن العرضين الجادين تلقيتهما في سنة 2004، حيث طلبني نادي الأهلي المصري رسميا رفقة الترجي الرياضي التونسي، لأن الاتحاد، في تلك الفترة، كان يشارك كثيرا في المنافسات القارية، وأعجب الناديان كثيرا بإمكانياتي. ولما تحدّثت مع الرئيس سعيد عليق، آنذاك، رفض تسريحي، وقال لي إنه بحاجة لخدماتي، خاصة أنه في تلك الفترة سرّح اللاعب كريم غازي لنادي الترجي التونسي. وفي سنة 2006 فوّتت على نفسي فرصة الاحتراف في السعودية. هل أنت نادم لعدم احترافك؟ ندمت أكيد، لأنني كنت أملك مستوى يسمح لي باللعب براحة تامة في أقوى الأندية الإفريقية، وكنت أتطلّع لكسب تجربة جديدة في مشواري الكروي وقد استغلها في مشاركاتي مع المنتخب الوطني. على ذكر المنتخب الوطني، لم تسجّل حضورك القوي في المنتخب، فهل تشعر أنك تعرّضت ل«الحڤرة”؟ بالفعل، تعرّضت ل«الحڤرة” في المنتخب الوطني والتهميش. لقد نسجوا لي حكاية من الخيال بأنني مصاب، وحرمني سعدان من المشاركة في نهائيات كاس أمم إفريقيا 2004 بتونس، بسبب مبرر واه، وقال لي بالحرف الواحد “يجب أن تجري عملية جراحية”، فأثار دهشتي بتلك الخرجة، وشعرت أنهم أرادوا التخلص مني في المنتخب لأسباب لا أعرفها لحد الآن. وما حزّ في نفسي كثيرا هو مشاركتي بانتظام مع فريقي اتحاد العاصمة، وخوضي كل المواجهات معه، ولكن مسؤولي الاتحادية قاموا بإرسالي إلى فرنسا رفقة الطبيب زرڤيني من أجل إجراء فحوصات معمّقة، وكل شيء كان إيجابيا، وبيّن الطبيب الفرنسي “جزن مارسال فيري” أنني لم أكن مصابا، لكن لم أعد للمنتخب، لأني عدت بعد فوات الآوان، فحرموني من المشاركة في دورة تونس. هل مازالت حاقدا على المدرب سعدان بسبب تلك الحادثة؟ أبدا، أنا من طبعي لا أحقد وسامحته على الذي حدث، حيث التقيته مجددا سنة 2006 في المنتخب المحلي، الذي كان يشرف عليه فلبيت الدعوة، وقال لي سعدان إن هناك مشكلا بيننا، فأبلغته أنني لست حاقدا عليه.. بدليل أنني لم أرفض دعوة المنتخب الوطني فشاركت مع المنتخب المحلي. فكل إنسان ربما يشعر أنه قادر على المساعدة وتقديم الإضافة في أي مجال، وأنا كنت أشعر أنني قادر على تقديم بعض الأشياء للمنتخب، ولكنني لم أحصل على الفرصة. عمّرت كثيرا في اتحاد العاصمة، وكسبت قلوب جمهوره، رغم أنه كان يكسب أرمدة من اللاعبين. فما هو أحسن موسم قضيته في مسيرتك الكروية؟ لعبت في اتحاد العاصمة لسبعة مواسم، وكما قلت سابقا احتكيت مع لاعبين كبار اعتبرهم الأحسن في العشرين سنة الأخيرة. وموسمي الأول اعتبره الأحسن في مشواري الكروي عموما، لأنني توّجت مع نادي سوسطارة بلقبين، الكأس والبطولة، وفزت أيضا بالألقاب الشخصية، من خلال المسابقات التي نظمتها بعض الجرائد المختصة. أما جمهور اتحاد العاصمة فقد كان رائعا، وأعطاني الدعم من أجل التألق، وطريقة تشجيعه كانت مميزة وعشت معه الأفراح والتتويجات. لكن لا أقلّل من شأن جماهير شباب بلوزداد ومولودية الجزائر وأهلي البرج. غادرت اتحاد العاصمة ولعبت لأهلي البرج، وبعدها تجربة متواضعة في “العميد”، كيف عشت ذلك؟ لعبت موسما واحدا لأهلي البرج حاولت الاقتراب من مسقط رأسي، وأديت مع النادي البرايجي موسما ناجحا، وكسبت محبة واحترام الجميع في البرج، وبعدها عدت مجددا لمولودية الجزائر، حيث لم أبق في هذا الفريق سوى ستة أشهر. وأعترف أنني لم أظهر بمستواي الحقيقي، وقضيت مرحلة فراغ. وكنت لحاجة إلى دعم إضافي من قِبل مسيري المولودية من أجل استعادة مستواي، وتخطي تلك الفترة بسرعة، لكن للأسف لم يحصل ذلك فغادرت الفريق باتجاه شباب بلوزداد. هل تعتبر مسيرتك الكروية ناجحة لحدّ الآن؟ الحمد لله، وكما قلت لك سابقا فإن كرة القدم جعلتني أكسب محبة الناس، وجعلتني أعرف “الرجال”. ويمكن القول إنني كنت محظوظا لأنني لعبت في نواد كبيرة، على غرار اتحاد العاصمة وشباب بلوزداد ومولودية الجزائر وأهلي البرج. وهناك لاعبون أعرفهم كنت أتنبؤ لهم بمستقبل كبير لم أفهم سبب هدم نجاحهم، في صورة بوسفيان الذي يفعل ما يشاء بالكرة، شأنه شأن أيلول سليمان. فأحيانا الحظ يلعب دورا كبيرا في رسم مسيرة لاعب كرة القدم. ما هي أجمل ذكرى مازلت تحتفظ بها في مشوارك الكروي؟ أحسن ذكرى عشتها في موسم 2002/2003، حيث نلت الألقاب وتحصّلت على لقب أحسن لاعب جزائري. أسوأ ذكرى.. الإصابة التي تعرّضت لها سنة 2005، والتي أجبرتني على الابتعاد عن الميادين مدة تسعة أشهر. أحسن لاعب.. دزيري بلال. أحسن مدرّب عملت معه.. مشري عبد الله الذي استفدت معه كثيرا. أحسن رئيس. سعيد عليق.