يكشف اللاعب الملتزم عمار عمور خلال هذا الحوار عن الوجه الآخر ل "عميرة"، كما تحب الوالدة أن تدعوه، حيث يتحدث عن رحلة الخروج من مدينة عين الحجل إلى العالم الكروي، حيث أصبح أحد أقطاب الكرة الجزائرية ومثالا يقتدى به في الأخلاق والتدين وكذا لعب الكرة.. "النهار" كان لها معه هذا الحوار الشيق الذي يبرز الجوانب الخفية لمرتدي القميص رقم 7 في اتحاد العاصمة. أولا نبدأ من أول يوم في حياتك، وبطاقة تعريفية لعمار عمور؟ باسم اللّه الرحمن الرحيم، عمار عمور من مواليد 10 سبتمبر 1976 بعين الحجل، ترعرعت في بيت يمثل العمق الجزائري، أنا وإخوتي التسعة وكنت أصغرهم، أقطن بمسقط رأسي عين الحجل رفقة الوالدة، الوالد رحمة الله افتقدته وأنا لاعب في سريع المحمدية، متزوج وأب لولدي منصف. وماذا عن مسيرتك الرياضية إلى حد الآن؟ لقد بدأت مداعبة الكرة في الشارع مثل معظم الجزائريين، ولم ألعب رسميا لأي فريق إلا في صنف الأواسط، حيث كنت أبدعت خلال المنافسات الكروية التي كنا نقوم بها في الثانوية، وهنا جاء إلحاح الجميع على اللعب بشكل منتظم في الأواسط، لكن الأدهى أني لم ألعب كثيرا مع الأواسط وسرعان ما التحقت بالأكابر برخصة الأواسط، حيث كنت هداف فريق عين الحجل. بعدها التحقت بمولودية العاصمة؟ ذهابي لمولودية العاصمة كان صدفة، حيث كنت أقضي عطلة الصيف عند أخي المقيم بمحاذاة مركب الخروبة وفي أحد الأيام قمت بالتجارب مع صنف الأواسط بفريق مولودية العاصمة فتم قبولي، بعدها لعبت موسمين مع الأواسط قبل أن يتم ترقيتي إلى الأكابر، ثم لعبت موسمين مع سريع المحمدية وتلك هي انطلاقتي الحقيقية. بمعنى؟ في المحمدية رغم معاناتي في البداية، إلا أنني تمكنت من فرض وجودي بعد قدوم المدرب قدور ونداجي الذي أعطاني الفرصة للعب، وتعلق أنصار "الصام" آنذاك بي سهل لي الأمور لكي أقدم موسما استثنائيا هناك (1999/ 2000) ومن هناك أمضيت لجمعية وهران ولعبت موسمين، ثم أمضيت لاتحاد العاصمة من موست 2002 / 2003 إلى يومنا هذا. هناك من يعتبر ما قمت به معجزة، خاصة وأنك خرجت من مدينة مغمورة كرويا، هل هذا صحيح؟ هذا توفيق من اللّه،ثم إن مدينة عين الحجل مدرسة كروية قائمة بذاتها، إلا أنها تفتقر للإمكانيات ولو توفرت لزودت للكرة الجزائرية بعدة مواهب، لكون الشارع في عين الحجل يزخر بعدة لاعبين لم يكن لهم نفس الحظ الذي كان لعمور، وإن كان ما قمت به جاء نتيجة تضحيات كبيرة، فمن الصعب أن تفرض نفسك وأنت قادم من فريق ومدينة صغيرة. يقال إن شقيقك محمد له مستوى أفضل منك، هل هذا صحيح؟ بالفعل، فأخي محمد يملك إمكانيات فنية وبدنية هائلة لو توفرت له نفس ظروفي، لكان أحسن من أنجبت الكرة الجزائرية، غير أنه فضل البقاء رفقة الوالدة عوض اللعب لصالح اتحاد العاصمة، لينهي مسيرته في تنقل بين فريقة مولودية المسيلة ونادي عين الحجل. ما عدا عمور، هل هناك لاعبين آخرين تخرجوا من هذه المدينة؟ نعم توجد أسماء أخرى، فبلخضر مثلا يلعب الآن في بجاية وسبق له تقمص ألوان ش. باتنة وش. بلوزداد. كما يوجد لاعبان في بوسعادة بن عامر وحرحوز، وكذا لاعب في المحمدية اسمه نوح أعتبره أحد الأسماء القادمة إلى العالم الكروي. نعود بعمار عمور إلى فريقه اتحاد العاصمة، تلعب موسمك السادس على التوالي في هذا النادي، ما سر مكوثك في الاتحاد طيلة هذه المدة؟ أولا شرف كبير لأي لاعب أن يتقمص ألوان الاتحاد الذي يبقى من الأندية الكبيرة دون منازع في الجزائر. كما أن لحظة إمضائي في الاتحاد أحسست بثقل المسؤولية لأن جمهور الاتحاد يعرف كرة القدم جيدا، وإن لم تكن في المستوى فلا داعي لأن تحرج نفسك، لأنك حتما ستخرج من الباب الضيق، ثم إن الاتحاد فريق يلعب في كل موسم من أجل ضمان مكانة ضمن الأوائل، ويراهن على المشاركات الخارجية لهذا فقد وجدت نفسي أمكث طوال هذه المدة، ثم هناك أمر آخر. ماهو؟ الاتحاد يملك تقاليد في الاستقرار، لاحظ أن لاعبين مثل عز الدين رحيم، زغدود، حمدود، جحنين، وكذا دزيري بلال كلهم لعبوا لمدة طويلة، لهذا فلا داعي للاستغراب من بقائي كل هذه المدة، وأنا أجد راحتي في الاتحاد. وماذا أخذت من مسيرة عشر سنوات في المستوى العالي لحد الآن؟ ما جنيته هو حب الناس ومعرفتهم، فقد أعطتني كرة القدم الاعتبار والاحترام عند الجميع، وهذا أغلى من المال، لأن كسب رضى الناس غاية لا تدرك، وشيء جميل لما أصادف الناس في انتظاري في الملاعب لأخد صور معي، وهذا أمر أتشرف به، ناهيك عن أنه في الطريق الجميع يبادلك التحية ويدعو لك بالصحة والنجاح. ومن هو اللاعب الأقرب إلى عمار عمور خلال كل هذه المسيرة؟ لقد لعبت إلى حد الآن لثلاثة فرق سريع المحمدية، جمعية وهران، وكذا اتحاد العاصمة، واللاعب الذي أراه الأقرب إلي هو بدون تردد سليم عريبي الذي قاسمني معظم الأوقات سواء الصعبة أو الحلوة، وهو مثال كإنسان ولاعب سواء في علاقته مع اللاعبين أو المحيط. ولهذا أعترف أنه من النادر أن يتكرر في الملاعب لاعب بصفات سليم عريبي والتزامه. على ذلك الالتزام، أصبح ظاهرة في الملاعب الجزائرية وأنت مثال على ذلك، ما تعليقك؟ والله الالتزام ليس ظاهرة، فهو عادة فينا، فنحن مسلمون قبل كل شيء، وكنا قد استشرنا علماءنا حول شرعية لعبة كرة القدم ومواردها المالية، فكان ردهم أن ذلك شرعي بشرط ستر العودة وهو ما نقوم به، فكل اللاعبين مسلمون، ومعظهم يؤدي الفرائض كالصلاة مثلا، لهذا لا أعتبر الالتزام ظاهرة بقدر ما هو تمسك بقيمنا الاسلامية، وبهذه القيم كسبنا احترام الجميع. حتى أن هناك من اللاعبين من يطرد نحس الملاعب بالرقية؟ الرقية هي نوع من الاستطباب الشرعي، لهذا فالمرء يقوم بها في شتى الميادين الحياتية من أجل مداواة الروح، ومادامت جائزة فلا حرج أن يقوم بها اللاعبون وأنا متأكد أن الكثير منهم وجد الحل فيها. نتحدث الآن عن قصة عمار عمور مع القميص الوطني، متى كان لك شرف حمله؟ لما كنت في جمعية وهران، استدعاني المدرب عبد الرحمن مهداوي في الفريق الوطني (ب) ولعبنا دورة LG بالمغرب، حيث كان ذلك لأول مرة أحمل خلالها الألوان الوطنية، وكنت أتمنى الذهاب بعيدا مع المنتخب الوطني، لكن المكتوب أراد غير ذلك. لكنك لعبت للمنتخب الأول بعدها؟ نعم لقد كان لي شرف حمل القميص الوطني الأول، وشاركت في مباراة أوغندا، وكان لي شرف تسجيل هدف الفوز، بعدها اقتصر استدعائي على بعض التربصات. كما لعبت المواجهتين الوديتين ضد بلجيكا والصين، لكن لم ألق الفرصة الحقيقية التي تجعلني ألعب بصفة منتظمة مع الفريق الوطني لأسباب لا أعلمها...! فيما تتمثل هذه الأسباب مثلا؟ لا زلت لحد الآن لا أعلم لماذا تم إبعادي عن المنتخب الوطني في كأس إفريقيا للأمم 2004 بتونس، بالرغم من أني كنت في كامل مستواي البدني والفني، وقد أثرت في ذلك كثيرا خاصة من الناحية النفسية لأني كنت أرى أني قادر على تشريف ألوان بلدي، غير أن حملة الصحافة وكلام المدرب الوطني حول إصابتي لم تكن صائبة، لأن إصابتي لم تكن بالخطورة التي تم وصفها، وقبلها كنت لعبت مباراة نصف نهائي كأس رابطة أبطال افريقيا أمام إنيمبا النيجيري والإصابة لم تكن سوى تمدد عضلي لاغير، لكن في تلك الفترة عدت، والإنسان يجب أن يرضى بقضاء اللّه، لهذا فالمكتوب حرمني من حمل ألوان بلدي في تلك التظاهرة. البعض يقول، لو كان عمور يحمل جنسية أخرى لكان "قبطان" منتخب بلاده؟ ربما لكونهم يرون أني قادر على قيادة المنتخب الوطني، لكن كما قلت لك هذا خارج عن نطاقي، ولو أني أعتز بجزائريتي، ومازلت قادرا على العطاء إلى حد الآن، ولن أتوانى عن قبول أي دعوة أتلقاها بهذا الشأن. لكن يشاع أنك كنت قلت لهدان عندما أراد كفالي استدعاءك يجب أن تعطوا الفرصة للشبان؟ والله هذه ثاني إشاعة، بعد تلك المتعلقة بإصابتي قبل كأس افريقيا 2004، فأنا لم أرفض أي دعوة للفريق الوطني، بل كنت قد لمحت لضرورة إعطاء الفرصة للاعبين شبان أمثال حاج عيسى، برملة ومترف وحتى فاهم بوعزة لكونهم سيكونون مستقبل كرة القدم الجزائرية. وكما شاهدت فقد شاركت في تربص المنتخب الوطني للهواة بصفة عادية لما استدعاني سعدان. على ذكر ذلك، هل تراه حلا لإنعاش المنتخب الوطني؟ فكرة مستحسنة لو يتم استغلالها بالشكل الجدي، وبحول اللّه سيعود الفريق الوطني للظهور على الساحة القارية على الأقل، لأن غيابنا أصبح محل استفسار كل الفرق الإفريقية، ويجب النهوض قبل فوات الأوان، وأتمنى أن تمس هذه التجربة كافة الفئات الأخرى لأن البناء والتكوين هو الذي يضمن تكوين منتخب وطني مستقبلي. نتكلم عن جانب آخر، لماذا لم يحترف عمار عمور، رغم أنه كان بالإمكان أن تلعب في أي فريق؟ قصة الاحتراف لم أكن محظوظا فيها، فقد تلقيت عدة عروض، لكن الحظ جانبني في ذلك، خاصة لما تلقيت عرضا من الأهلي المصري في 2003 بعد الدورة العربية التي لعبناها في الزمالك، حيث كنت أرغب في الذهاب لكن الإدارة رفضت لكوننا كنا نلعب على عدة جبهات آنذاك، البطولة والكأس وكذا المنافسة الافريقية، بعدها تلقيت عرضا من الترجي التونسي 2005، لكن الإدارة وقفت في وجهي وسرحت غازي كريم الذي عاد للفريق مجددا، ناهيك عن عدة عروض أخرى من فرنسا، الأدرن، تونس وكذا مصر، والموسم الفارط من السعودية والمغرب. على ذكر ذلك فضلت إعادة الامضاء للاتحاد هذا الموسم ورفضت الذهاب للوداد البيضاوي؟ هذا الموسم تلقيت عرضين من السعودية وكذا الوداد البيضاوي، غير أن ترددي جعلني أعيد الإمضاء للاتحاد بعد أن استخرت اللّه في ذلك والحمد للّه أنا لست نادماً، مادام أن الاتحاد أعطاني كل شيء ولا ينقصني فيه أي شيء، فحب الأنصار يكفيني. وماذا عن وفاق سطيف؟ يا أخي هذا الفريق أحبه، وأتمنى اللعب له في يوم ما، فأنا مناصر للوفاق منذ الصغر، وحتى مدينة سطيف تستهويني كثيرا، فقد كنت قاب قوسين أو أدنى للإمضاء للوفاق هذا الموسم، لكن كل شيئ تغير في آخر لحظة لا أدري لماذا، لهذا فمكتوب اللّه هو الذي أعادني إلى الاتحاد هذا الموسم، والوفاق سأظل أحبه وأناصره حتى النخاع. المدرب عبد الله مشري صرح لإحدى الجرائد أنك أحسن لاعب دربه خلال مسيرته منذ 1983؟ والله، لقد اقشعر بدني عندما قرأت ذلك التصريح، وأحسست بمسؤولية كبيرة اتجاه ذلك الكلام، فقد دفعني إلى التفكير في اللاعبين الذين دربهم، وقارنتهم بعمار عمور، فبكل تواضع أظن أن هذا الاعتراف وسام شرف ليه، وأنا متشرف بالعمل تحت إمرة عبد الله مشري الذي دربني في المحمدية وكذا جمعية وهران. وحتى ولد تيڤيدي اعتبرك مثالا له، وقال إن كانت مصر تملك أبوتريكة، فالجزائر تملك عمار عمور؟ يا أخي هذا اللاعب يملك إمكانيات كبيرة تسمح له باللعب في الخارج بكل سهولة وأتمنى له النجاح في مسيرته وأبادله التحية من خلال جريدتكم، فهذا الكلام يزيدني شرفاً، خاصة لما شبهني بلاعب مثل أبوتريكة الذي أعطاني الفرصة لكي أقول فيه كلاماً خاصاً. وماهو؟ والله إنه لشرف أن تملك الكرة العربية لاعبا مثل أبوتريكة الذي يبقى مثالا يجب الاقتداء به، فهو لاعب تام من كل النواحي، تواضع، علم ودين وانتماء عربي، وقوة الشخصية التي جعلته يحمل قضية شعب بأكمله، بل كل الأمة العربية، وهو مازادني تعلقا بهذه الشخصية، حيث أتمنى أن ألتقيه لكونه شهم. من هو اللاعب الذي تأثر به عمار عمور؟ بدون تردد هو لخضر بلومي الذي يعتبر أحسن لاعب أنجبته الكرة الجزائرية لكل الأوقات، ولما ترى هذا اللاعب يلعب، يجعلك تتأكد أنك مازلت تتعلم في الكرة، والحمد للّه أنه جزائري. ماهو أحسن إنجاز حققه عمور؟ أعتبر موسم (2002 / 2003) هو الأحسن على الإطلاق، لكوني خلاله انتقلت من جمعية وهران إلى اتحاد العاصمة، وكنت أحسن لاعب في الجزائر، حيث حصدنا الكأس والبطولة ثم كان لي شرف نيل الكرة الذهبية التي تمنحها جريدة الهداف، وأحسن لاعب من جريدة الكرة، لهذا فذلك الموسم اعتبره الأحسن. رشحت ضمن أحسن لاعبي الدوري العربي، مارأيك في ذلك؟ هذا الترشيح شرف كبير لي، لكي أكون محل اعتراف متتبعي الكرة العربية وإن كان هدفي هو الفوز بهذه الكأس وليس لقب أحسن لاعب، وإن كنت لن أرفضه لو يأتي، لأنه يدعم مشواري الكروي كيف تقضي أوقات فراغك؟ في البيت كالعادة بعد العودة من التدريبات، أريد إعطاء عائلتي الصغيرة معظم أوقاتي، وأقاسم إبني منصف الذي اعتبره أحسن هدية من اللّه إلي. على ذكر منصف، علمنا أنك سميته تيمنا باسم ويشاوي؟ بالفعل كان ذلك، فقد كنت قضيت عدة أوقات ممتعة مع ويشاوي الذي قاسمني البيت قبل أن أتزوج، لهذا فمنصف ابني سميته على ويشاوي الذي يبقى أحد أعز أصدقائي. حدثنا عن الطبخ الذي تعده الزوجة؟ لابأس، وإن كنت لست شرها في الأكل "فنحن قوم لانأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا فلا نشبع" وإن كنت أفضل طبق الزيتون الذي اعتبره الأفضل في مائدة الزوجة. مقارنة مع طبخ الوالدة؟ ..... آ.. هنا لايوجد كلام، فالوالدة هي الصح في كل شيء، وأتمنى أن ترضى عليّ.