اهتدت الحكومة إلى خيار لعب ورقة التهدئة مع الجبهة الاجتماعية، في خطوة لتفادي متاعب لا يرغب فيها الوزير الأول عبد المالك سلال والأمين العام للمركزية النقابية، أو تنفيذا لأجندة معينة، فقد دعا سيدي السعيد في رسالة وجهها للاتحادات الولائية والفدراليات النقابية، إلى إشراك الهيئات والمسؤولين النقابيين في التحسيس بأهمية الحوار والتشاور من أجل التكفل بمطالب العمال وإسكات الاحتجاجات، ما يطرح بالتالي تساؤلا أكبر عن سبب إخراج ورقة التهدئة في هذا الظرف ؟ وقال الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، في رسالته التي وجهها أول أمس إلى الاتحاديات والفدراليات المذكورة، إن “الاتحاد العام الذي يدرك رهانات التنمية الاجتماعية والاقتصادية لبلدنا، ما انفك يشجع الحوار والتشاور في كل مستويات المؤسسة وعالم الشغل”. فالأمين العام، بهذه الرسالة التي جاءت بوصفة الحوار والتشاور لحل مشاكل جبهة اجتماعية غير مستقرة، يريد أن يقدم تنظيمه النقابي على أنه يمتلك تقاليد وثقافة الحوار، بل وأن كل القلاقل التي تنشأ في عالم الشغل لا يمكن حلها إلا عن طريق الحوار. وحرص على توجيه رسالته هذه بمضامينها الجديدة إلى الاتحاديات الولائية والفدراليات الوطنية للمركزية النقابية لأجل إشراك الهيئات والمسؤولين النقابيين في عملية التحسيس بأهمية الحوار والتشاور من أجل التكفل بالمطالب العمالية وإسكات الاحتجاجات. ومع أن الرسالة جاءت بعد التعليمة التي وجهها الوزير الأول عبد المالك سلال لأعضاء الحكومة والولاة ورؤساء شركات تسيير المساهمات بشأن “ بعث الحوار الاجتماعي والتي صدرت عقب جلسة العمل التي عقدها بمقر الوزارة الأولى مع المسؤول الأول في المركزية النقابية، إلا أنها فاجأت بعض الأوساط النقابية وأخرى تربطها صلة بعالم الشغل تبعا للظرف الخاص الذي جاءت فيه، فالسياق العام الذي جاءت فيه هذه الرسالة يتسم ببروز احتجاجات عمال بعض القطاعات مثل الصحة، التعليم، التكوين المهني.. في جبهة اجتماعية لا تعرف غليانا كبيرا من نحو الغليان الذي عرفته على مدى سنتي 2011 و2012 حيث خرجت كل قطاعات النشاط في الجزائر إلى الواجهة، وذلك على نحو صور الجزائر على أنه بلد “مشتعل”. وعلى هذا الأساس، يمكن أن نتساءل عن سبب عدم إخراج ورقة التهدئة الاجتماعية باعتماد أسلوب الحوار والتشاور آنذاك، إن لم تكن خرجة الحكومة ومعها سيدي السعيد تستجيب لعوامل أخرى، بينها أن الحكومة تريد تفادي المتاعب والقلاقل في الساحة الوطنية في غمرة الوضع الذي يطبعه مرض رئيس الجمهورية وغيابه عن تسيير شؤون البلاد. أما على المستوى الخارجي، فإن الجزائر محاطة بمناخ دولي غير مستقر وفي مقدمته الوضع في مالي وليبيا وعودة الاحتجاجات إلى الجنوب الجزائري. وقد أضاف المسؤول الأول في المركزية النقابية في رسالته “أن الاتحاد العام يولي أهمية لهذه المنهجية المتعلقة بالوقاية من الخلافات وتعزيز الثقة بين الشركاء لتفادي كل اضطراب، خاصة في هذه المرحلة من بعث السياسة الوطنية للتنمية الصناعية وترقية الإنتاج الوطني”. وموازاة مع ذلك تذهب قراءات أخرى إلى إدراج توجيهات سلال بخصوص الحوار والتشاور ومعها رسالة سيدي السعيد ضمن الترتيب للاستحقاق الانتخابي المقبل، أي أن الرسالة هي في حد ذاتها تعد استمالة للناخبين من الآن.