كشف تقرير مشفّع بالأدلة عن فساد إداري في وزارة التربية ورد باسم مرسوم تنفيذي وقعّه الوزير الأول ونشر في الجريدة الرسمية، وتتعلّق الفضيحة ب"تحايل” على القانون من خلال تحويل مناصب خاصة بالإداريين تابعة لفئة الأسلاك المشتركة وحولتها الوزارة إلى فئة السلك التربوي. صدر مرسوم تنفيذي يحمل رقم 13/159 مؤرخ في 15 أفريل من السنة الجارية، حدد المناصب العليا التابعة للمصالح الخارجية لوزارة التربية وشروط الالتحاق بها والزيادة الاستدلالية المرتبطة بها، وتعلّق الأمر بثلاثة مناصب وهي أمين عام ورئيس مصلحة ورئيس مكتب. ويُعيّن الأمين العام حسب المرسوم الذي تحوز “الخبر” على نُسخة منه، من بين مفتشي التربية ومدير الثانويات والمتصرفين المستشارين، ومتصرفين رئيسيين بثلاث سنوات من الخدمة الفعلية، ومتصرفين ب8 سنوات من الخدمة الفعلية، أما رؤساء المصالح فيعيَّنون من بين متصرفين مستشارين ورؤساء مهندسين ومهندسين ومقتصدين ونوابهم، فيما يُعيّن رؤساء المكاتب أيضا من متصرفين مستشارين ووثائقيين وبصفة استثنائية مديري الثانويات والمتوسطات والابتدائيات في حالة عدم وجود موظفين منتمين في هذه المناصب الثلاثة. لكن النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة والعمال المهنيين، اكتشفت “الفضيحة” التي تفتح فيها الوزارة الباب أمام “استحواذ” التربويين على المناصب الإدارية من خلال المرسوم التنفيذي الذي حمل طابع “الاستعجال” أثناء إعداده، لوضعه على المقاس قصد تسوية الوضعيات غير القانونية التي كانت تخص المناصب العليا في مديريات التربية والإدارات المركزية التابعة للوزارة، ومن جهة تغطية الشغور في تلك المناصب التي كان مديرو التربية يتحججون بعدم وجود موظفين. وأدت الطرق الملتوية، حسب التقرير، إلى وضع بعض التربويين تحت التصرف وتكليفهم داخليا بإحدى المناصب والخاصة برتبتي رئيس مصلحة أو رئيس مكتب بالمصالح الإدارية أو تعيين بعض الموظفين التربويين في مناصب عليا بيداغوجية، وتكليفهم بمكاتب إدارية أو تبقى المناصب الإدارية شاغرة. ول"تقنين” الاحتيال، تمّ ترسيخ المرسوم الذي فتح الباب على مصراعيه للرتب التربوية قصد إبعاد الإداريين واحتلال المناصب المتبقية من “المناصب العليا” في المصالح الإدارية من فئة التربويين. وفي هذا الشق، لم يستسغ معدّو التقرير تعيينات الإداريين الذين أنصفهم “قليلا” المرسوم 13/159، الذي اقتصر في منصبي “كاتب عام ورئيس مصلحة” على بعض الولايات فقط، ماعدا بعض الموظفين الذين يمثلون نسبة قليلة وتمت ترقيتهم إلى رتبة رئيس مكتب في مصلحة إدار. وبصدور هذا المرسوم الأخير “المفبرك”، حسب المصدر، فقد تم القضاء على “أمل” الإداريين في الترقية بالمناصب العليا أمام الخيارات التي أصبحت موجودة أمام مديري التربية لاقتراح بعض الرتب الأخرى للتعيينات في المصالح الإدارية ووصل إلى حد اقتراح مديري الثانويات والمتوسطات والابتدائيات لترقيتهم إلى رتبة رئيس مصلحة إدارية. كما ألغى، حسب التقرير، شرط شهادة الليسانس أو الشهادة المعادلة للترقية في المناصب العليا للتربية الوطنية، ما ينتج عنه أن المرسوم التنفيذي أعد بالمقاس لتسوية بعض الوضعيات دون مشاركة الفئة الإدارية في تحضير هذا المشروع، ويتم بهذه الطريقة غلق الباب في وجه هذه الكفاءات الإدارية، ليفتح أمام “الدخلاء الانتهازيين” الذين اتهمهم التقرير ب"المفسدين” للعملية التعليمية. وخلص التقرير إلى وجود 21 ولاية بها 63 مصلحة إدارية و199 مكتب إداري، و21 ولاية أخرى بها 84 مصلحة إدارية و373 مكتب إداري وكاتب عام في كل ولاية، و8 ولايات بها 32 مصلحة إدارية و112 مكتب إداري وكاتب عام في كل ولاية. ويجري توزيعهم على 4 مصالح: المستخدمين، دفع نفقات المستخدمين، البرمجة والمتابعة، ومصلحة المالية والوسائل. وأشار المصدر ذاته إلى أنّ كل هذه المناصب الخاصة بالإداريين التابعة لفئة الأسلاك المشتركة تحوّلها الوزارة إلى فئة السلك التربوي ويبقى يتقاضى منحة الأداء التربوي ومنحة التوثيق ومنحة المردودية ب40%، وعن طريق هذا العمل الإداري يتأهل كذلك إلى مناصب أخرى كمدير مدرسة أو إكمالية أو ثانوية أو مفتش.