لا يعرف أمين ميسوم، كيف ستنتهي المسرحية التي يحضر لعرضها يوم 3 جويلية القادم في المسرح البلدي أحمد وهبي بوهران، عندما يرفع الممثلون جسم “الحكيم” وينزلون به من الركح ويخرجون به إلى الشارع. مسرحية “الحكيم” التي أنجزتها جمعية الفن والثقافة والإبداع لوهران، تروي حياة الشهيد محمد العربي بن مهيدي “الإنسان والمجاهد”، وأكثر من ذلك الرمز الذي فضح لاإنسانية الاستعمار الفرنسي وانتزع من جلاديه اعترافهم أنه هزمهم. يقدم في هذه المسرحية، أستاذ التاريخ (أمين ميسوم) لتلاميذه ومنهم ثلاثة (رياض حمزة، بن لعزيز يوسف وسفيح محمد الصديق) نشأة ونضال الشهيد العربي بن مهيدي، الذي يؤدي دوره محمد ميسوم، ثم طريقة استشهاده. تبدأ المسرحية بدخول “الحكيم” من جهة الجمهور ويداه مربوطتان بكلبشات، وهي الوضعية التي يستمر بها خلال كل العرض. ثم ينطلق تسجيل صوتي لأحد ضباط الجيش الاستعماري، الذي يقدم فيه شهادة “مثيرة” عن شجاعة وشهامة الشهيد العربي بن مهيدي. وبعدها يبدأ أستاذ التاريخ في سرد حياة البطل، وهو السرد الذي يتوقف في كل مرة، ليتدخل التلاميذ بتمثيل أدوار بيجار أوساريس وكذا صاحب المزرعة التي اقتيد إليها الشهيد العربي بن مهيدي في ضواحي الجزائر العاصمة، عندما قررت السلطات الاستعمارية الفرنسية مدنية وعسكرية حرمان الثورة التحريرية الجزائرية من أحد أبرز قادتها. وفي كل ذلك يبقى “الحكيم” الذي لا يتحدث كثيرا، مربوط الأيدي في وضعيات ركحية تمكن “جلاديه” من كشف “فرحتهم” بالفوز بتوقيفه، وتآمرهم حول الطريقة التي ينهون بها حياته، خارج “القانون”. وهذا بسبب تخوفهم من محاكمته التي كانت ستتحول لا محالة إلى محاكمة النظام الاستعماري ولا إنسانيته. وتجرأ كاتب النص، محمد ميسوم، عندما سمى الأسماء بمسمياتها في علمه الفني. فسجل أن إعدام العربي بن مهيدي باركه وزير العدل الفرنسي في فترة إلقاء القبض عليه والذي صار فيما بعد رئيسا للجمهورية الفرنسية، كما قدم أرقاما حول عدد الجزائريين الذين قتلهم محافظ الشرطة بول أوساريس، والذي لم يندم على ما فعل. وترك أعضاء الفرقة أهم مشهد في المسرحية لنهايتها، التي استعمل فيها المخرج تقنية خيال الظل، لتصوير مشهد شنق الشهيد العربي بن مهيدي، والتي يتبعها حمل جثمانه من طرف الممثلين الأربعة الآخرين وينزلون به إلى الجمهور ثم يخرجون به إلى الشارع. “لا نعرف كيف سيتعامل معنا الجمهور في هذا المشهد، مع أن الشهيد قال ارموا الثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب” كما يقول أمين ميسوم.