نصح خبير أمريكي متخصص في شؤون الشرق الأوسط الإدارة الأمريكية بتجهيز نفسها للتعامل مع تطور الموقف في الجزائر، في أفق الرئاسيات المقبلة: حدوث ثورة أو استمرار هيمنة المؤسسة العسكرية والأمنية على الحكم. وأشار دافيد بايمان، أستاذ الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون ومدير البحث في مركز سابان التابع لمعهد بروكينز، خلال شهادة له أمام اللجنة الفرعية الخاصة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالكونغرس الأمريكي، في 10 جويلية الجاري بعنوان “الإرهاب في شمال إفريقيا قبل وبعد هجوم بنغازي”، “أنه بغض النظر عن القوة النسبية للجزائر، فإن ديمومة استقرارها محل تساؤل. وتوقع ثورة اجتماعية أمر بالغ الصعوبة، لكنها مع ذلك مرشحة لتغيير جذري”. وشرح مقاربته بالقول: “لقد قاومت السلطة ثورات الربيع العربي عبر القمع والقدرة على استقطاب القوى المنافسة. والخوف من تكرار مأساة التسعينيات، منع المواطنين من الخروج إلى الشوارع بأعداد كبيرة. ولكن مع التحولات في تونس وليبيا وفي ظل ركود الاقتصاد ونسبة كبيرة للشباب، وحكومة تحوز على مشروعية هشة، شهدت البلاد مظاهرات واسعة”، في إشارة إلى الاحتجاجات الاجتماعية للمطالبة بتوفير فرص العمل. وعزز الباحث الأمريكي رؤيته الحذرة لمستقبل الوضع في الجزائر، “أن السكتة الدماغية الأخيرة للرئيس بوتفليقة المعروف بكونه واجهة للمؤسسة العسكرية النافذة، تطرح مسألة الخلافة، الأمر الذي قد يدفع الجزائريين إلى المطالبة بتغيير جدي”. وبناء على هذا الاستنتاج، توجه الباحث، صاحب أبحاث عن تنظيم القاعدة والتنظيمات الجهادية، إلى الحكومة الأمريكية بنصيحة مفادها: “المستقبل غير واضح، إن الولاياتالمتحدة يجب أن تكون مستعدة للثورة، وعدم الاستقرار أو استمرار الحكم من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية”. ويلفت الباحث الحكومة الأمريكية أيضا، إلى ضرورة منح أولوية لتطوير علاقاتها بالجزائر التي تعتبرها الحل والمشكل في آن واحد. ويقترح أن تكون الجزائر أحد محاور سياسة أمنية أمريكية إقليمية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل وشمال إفريقيا، رغم تقديمه لها بالدولة القمعية والفاسدة والمرشحة للثورة، والتي تتوفر على مخابرات “غامضة ومخادعة”. ويعترف المحلل بمحدودية تأثير الولاياتالمتحدة على طبيعة النظام الجزائري، ومع ذلك يقترح بالمقابل على الإدارة الأمريكية دعم جهود الإصلاح والانفتاح السياسي عبر بوابة المنظمات غير الحكومية الداعمة لتعزيز الديمقراطية والقيم الليبرالية، وتعزيز التعليم المهني، وتواصل أفضل للشباب الجزائري مع العالم. ويقترح توسيع الاتصالات مع الحكومة والمجتمع المدني في الجزائر، بالموازاة مع البحث عن بدائل أخرى تضم التشاور مع المزيد من الحلفاء بشأن السياسات المشتركة، ومحاولة إيجاد حلول بديلة للاعتماد على الجزائر كمفتاح للقضايا الأمنية، منها الاعتماد على طائرات أمريكية بدون طيار، ويرى أن هذه الأساليب الوقائية تسمح للولايات المتحدة بحماية مصالحها ويجعل أصحاب القرار في الجزائر يدركون أن الولاياتالمتحدة يمكنها تجاوزهم والعمل بدونهم وتجهيز نفسها للتعامل مع آثار خلافة أو الثورة. ويقترح أيضا العمل مع دول مثل مالي وليبيا والمغرب، وتقاسم الأعباء مع فرنسا في مواجهة التهديدات الأمنية في المنطقة. وشهدت جلسة الاستماع الأولى الخاصة بالتهديدات الإرهابية في شمال إفريقيا، تقديم عروض واحدة لشقيق قتيل أمريكي في تكساس، ومجموعة باحثين عن الوضع في ليبيا وتنظيم قاعدة المغرب الإسلامي، وبرمجت اللجنة جلستين أخريين يوم 18 جويلية تخصصان للاستماع إلى مجموعة خبراء، منهم السفير الأمريكي الأسبق بالجزائر رونالد نيومان، وريموند ماكسويل مدير قسم المغرب العربي في كتابة الدولة سابقا. ويشرف على اللجنة الفرعية أعضاء جمهوريون، بعضهم سبق له أن زار الجزائر وهم محاورون مفضلون للسفير الجزائري بواشنطن عبد الله باعلي.