الإسلام دين الفِطرة والواقعية، فهو لم يمنع المسلم أن يكون كذلك، بل يجب عليه أن يسعى لكي يكون كذلك، لتحقيق طموحاته ونصرة دينه ووطنه، فنِعم المال الصّالح للرّجل الصّالح. بل إنّ كثيرا من قضايا الإسلام والمسلمين منذ عصر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى يومنا هذا، لابدّ لها من رجال أمثال أبي بكر وعمر وعثمان في العطاء والبذل. واختار قوم آخرون لتحقيق سعادتهم المناصب السّامية والألقاب الكبيرة، فواحد يرى نفسه في قمّة السّعادة إذا ارتقى في منصب، ونال أوسمة السيادة والرِّفعة ولُقّب بألقاب التّشريف والتّبجيل، يأمُر فيُطاع، ويتمنّى فتُحقّق له أمنياتُه وفق ما يريد. ومع أنّ المناصب لابدّ منها في كلّ عصر ومصر، ومع ما تحمله لأصحابها من الهيبة والتّقدير، فهي لا تزيد المؤمن –الّذي لا يرى فيها إلاّ تكليفًا يُسأل عنه في الدّنيا والآخرة- إلاّ تواضعًا وتفانيًا وإخلاصًا، وإنّه يشعر بالفخر والاعتزاز والسّعادة وهو يخدم قومَه وبنيه، يُحقّق العدل وينصُر المظلوم، وينشر المحبّة والثقة في أوساط مَن يحكمهم أو يدير أمورهم. وتوهَّم آخرون وهم يبحثون عن السّعادة فظنّوا أنّها في إشباع نزواتهم الجنسية وغريزتهم الحيوانية، فراحوا يهتكون الأعراض وينشرون الفساد، يحلّلون ما حرَّم الله، ويحرّمون على أنفسهم ما أحلَّ اللهُ.