أكد مصدر مطلع في القاهرة ل «الحياة» أن الموقف المصري المتمسك بالحل السياسي للأزمة السورية تحكمه اعتبارات عدة، أهمها «سعي القاهرة إلى إيجاد توازن في الملف السوري» بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي «بخلاف قطع العلاقات الذي جرى قبل هذا التاريخ». لكنه شدد على أن مصر لا تخرج عن التوافق العربي الذي يحمل نظام الرئيس بشار الأسد مسؤولية استخدام الأسلحة الكيماوية في الغوطتين.وأوضح أن هذا «التوازن» يتضمن «إعادة ضبط الصلة مع دمشق في وقت مازال القائم المصري بالأعمال في دمشق يمارس مهامه هناك»، انطلاقاً من أن «الثقل المصري في الشأن السوري يعتمد على القدرة على المحافظة على العلاقة مع جميع الأطراف».وأشار إلى أن الاعتبار الثاني لدى القاهرة هو «تمييز الموقف الحالي عما كان عليه قبل 30 حزيران (يونيو) الماضي، ومن هنا قامت الديبلوماسية المصرية بفك الارتباط مع الدعوة إلى الجهاد في وقت لا تبتعد عن دعم الشعب السوري، لأن الشرعية الحالية لثورة 30 يونيو تستند أيضا إلى شرعية ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011».ولفت إلى أن «القاهرة تدعم مطالب الشعب السوري في الحرية والديموقراطية، لكن من دون انغماس في ما يجري هناك من حرب أهلية على الأرض. ويتطلب ذلك وجود اتصالات مع دمشق من ناحية ومع المعارضة والتحالف الذي يتشكل ضد دمشق من ناحية أخرى».وأضاف أن «اعتباراً ثالثاً ومهماً في المنظومة التي تحكم الموقف المصري من الأزمة هو عدم تفتيت الدولة السورية والحفاظ على قوة الجيش السوري، وإن كان هذا الأمر متأخراً الآن لأن الجيش استنزف عسكرياً وهيكلياً، فإنه على الأقل إنقاذ لما يمكن إنقاذه من الجيش والوصول إلى حل سياسي وليس عسكرياً».وكان وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أكد أن مصر تتمسك بالحل السياسي، «ولا تعتزم الجهاد في سورية». وأعرب عن أمله بعقد مؤتمر جنيف 2، معتبراً أن «هذا هو الطريق للحل». لكنه شدد على أن «استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية أمر مرفوض ويخالف القانون الدولي وبروتوكول 1925 أياً كان الطرف المستخدم لتلك الأسلحة، وهو موقف مبدئي ويجب أن تكون المحاسبة على أساس معلومات واضحة ومن خلال توافق دولي في إطار لمنظومة الدولية».وشدد على أن «مصر ترفض استخدام الكيماوي بغض النظر عن الطرف الذي استخدم هذا السلاح، لكنها ترى أنه لا يوجد حل عسكرياً للأزمة السورية وأنه يجب أن تعود الأطراف إلى مائدة المفاوضات». وأوضح أن زيارته الأخيرة إلى الأردن «لم تكن لها علاقة بأي اجتماعات أخرى تمت في الأردن أخيراً»، في إشارة إلى اجتماع التنسيق العسكري الذي ناقش الوضع في سورية.ولم يذكر فهمي صراحة رفضه لضربة عسكرية ضد سورية. وعلل المصدر ذلك بأن «أحداً لم يتكلم عن ضربة عسكرية حتى ترفضها مصر أو تعلن أنها ضدها، ولم يرغب فهمي في استباق ضربة محتملة ويعلن الوقوف ضدها. لكنه شدد على أن مصر مع الحل السياسي ما يعني رفضاً ضمنياً لضربة عسكرية».واعتبر المصدر أن اجتماع وزراء الخارجية العرب الثلثاء المقبل «سيكون اجتماعاً مهماً وربما سيأتي غداة إعلان تقارير فرق التفتيش عن استخدام أسلحة كيماوية». وأكد أن الجامعة ستتخذ قراراً قوياً، قائلاً ان «مصر لن تعارض أو تتحفظ عن قرار توافقي يمكن أن يصل إليه الوزراء، لكنها ستشرح بكل وضوح موقفها الرافض للحل العسكري».