في الوقت الذي شرعت فيه اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين في استئناف حراكها عبر كل الولايات بهدف تنظيم أكبر مسيرة بالجزائر العاصمة للبطالين يوم 28 سبتمبر الجاري، قرر العمال المستفيدون من عقود ما قبل التشغيل الدخول اليوم في احتجاجات أمام مقرات الولايات للمطالبة بإدماج أكثر من 600 ألف عامل في مناصب قارة. تحرك التنظيمين في ظرف يومين وبعد أسبوع واحد فقط على تشكيل الحكومة الجديدة، ينبئ بكبر حجم المتاعب التي ستواجهها حكومة سلال الجديدة في خريف 2013 مع الجبهة الاجتماعية. قرروا تنظيم احتجاجات أمام مقرات الولايات مستخدمو عقود ما قبل التشغيل يعودون اليوم للاحتجاج سكيكدة: ع. مطاطلة قرر العمال المستفيدون من عقود ما قبل التشغيل استئناف نشاطهم النقابي والعودة مجددا إلى الاحتجاجات، اليوم، أمام مقرات الولايات، استجابة لنداء اللجنة الوطنية لهذه الهيئة العمالية المنضوية تحت لواء النقابة المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية ”سناباب”، للمطالبة بإدماجهم في مناصب دائمة بعيدا عن سياسة الاستغلالية. وأكد البيان، الصادر عن اللجنة الداعي إلى مواصلة النضال النقابي المشروع، على ضرورة الالتحاق بقوة في صفوف الشباب من أجل افتكاك المطالب المتمثلة في إدماج كافة المستخدمين من عقود ما قبل التشغيل والشبكة الاجتماعية الحاملين للشهادات في مناصب عمل دائمة دون قيد أو شرط، والمطالبة من جهة أخرى بتجميد مسابقات التوظيف العمومي إلى غاية إدماج هذه الفئة، مع احتساب سنوات العمل في الخبرة المهنية وإلغاء سياسة العمل الهش وتخصيص منحة البطالة لخريجي الجامعات الجدد. وندد العمال المستفيدون من عقود ما قبل التشغيل بغياب الحوار الجاد الكفيل بتسوية وضعية هذه الفئة المستغلة من طرف الإدارة في كافة القطاعات ورميهم إلى البطالة بعد نهاية مدة العقد، وفشل الحكومة الجزائرية في اعتماد سياسة تشغيل واضحة تضمن حق العمل لكل مواطن والمكفول دستوريا. وحسب بيان اللجنة، فإن الحكومة تصر على المضي في تجاهل مطالب الشباب المشروعة والمكرسة في المادة 55 من الدستور، مضيفين أن ترسيمهم في مناصب عملهم بات حاجة ملحة، علما أن الجهات المعنية قد أعلنت شهر فيفري الماضي عن نيتها في إدماج هؤلاء العمال بعد تلقي الضوء الأخضر من الحكومة بالشروع في تسوية وضعية عمال ما قبل التشغيل والشبكة الاجتماعية، تحضيرا لإدماجهم في مناصب دائمة، إلا أنهم في الأخير تفاجأوا بالعكس، ما دفعهم بتصعيد الأوضاع والعودة مجددا للاحتجاج.
البروفيسور محمد طيبي يقدم قراءته لعودة الاحتجاجات ”السلطة تدفع ثمن التفاوض من أجل كسب السلم الاجتماعي” يرى المحلل الاجتماعي محمد طيبي أن عودة الاحتجاجات إلى الواجهة ليس بالضرورة مرتبطا بالدخول الاجتماعي، وإنما هي بالنسبة للجزائر خصوصا، تحولت إلى ظاهرة تفاوض دائم على ”الحق الريعي”، على اعتبار أن هناك من أصبح يفكر بطريقة (ريعية) وذلك نتيجة الثراء الفاحش والتوزيع غير العادل للثروة وانحصار رمزية السلطة العامة التي صارت تتفاوض من أجل كسب السلم الاجتماعي بأي ثمن. وقال البروفيسور محمد طيبي في معرض إجابته على السؤال المتعلق بخلفية عدم هدوء هذه الاحتجاجات، في اتصال معه أمس إن ”موجة الاحتجاجات هذه ليست بالضرورة مرتبطة بالدخول الاجتماعي، وإنما هي بالنسبة للجزائر خصوصا تحولت إلى ظاهرة تفاوض دائم بين الفئات الهشة والسلطات العمومية، إلى درجة أن المطالب صارت في حد ذاتها حقوقا قبل التفاوض، بما يعني أنها احتجاجات للتفاوض على الحق الريعي، طالما أن هناك من أصبح يفكر بطريقة (ريعية)”. وأضاف البروفيسور أن هذا الأمر ظهر نتيجة الثراء الفاحش أولا والتوزيع غير العادل للثروة والشغل ثانيا، وانحصار رمزية السلطة العامة التي صارت تتفاوض من أجل كسب السلم الاجتماعي بأي ثمن، وليس وفق مخطط تفاوضي عادل مثلما يحدث في المجتمعات الأخرى، وقدم المتحدث تفسيرات لذلك مفادها أن ”هذه الزبائنية التي تشكلت منذ بداية الاستقلال جعلت الدولة وكأنها أم المجتمع، بدليل أنه حتى الذي يبني بيته في واد وتغرقه المياه، يرى أن الدولة مسؤولة عنه، بل وحتى الذي يقوم بالغش في امتحان البكالوريا يعتقد أنه قد يكون على حق ما”، وقال في ”اعتقادي أنه بقدر ما يجب ضبط أدوات التشغيل في البلد، فإنه يتعين على الجزائريين أن يعيدوا النظر في علاقاتهم بالعمل، لأن الشكوى والتشكي ليست حلا في النهاية، وإنما المطالبة بالحقوق بصفة حضارية وأمام سلطة مسؤولة هو الطريق الوحيد لتسيير أزمة التشغيل”. إلا أن البروفيسور محمد طيبي اعتبر أن ”الدخول الاجتماعي نفسه يمثل محطة في الحراك الاجتماعي، لأن الفاعلين الاجتماعيين يريدون التفاوض من أجل تحقيق المصالح، ولهذا فهذه المرحلة يجب أن تمثل بالنسبة للدولة موضوعا لا يرتبط فقط بمسألة التنازلات والمفاوضات، بقدر ما يجب التركيز من جانب أصحاب القرار على أمرين هما التحكم في تسيير الأزمات الممكنة حفاظا على السلم العام، والثاني تناول ما يجب تناوله من أولويات في القضايا الحساسة”. ولأن البطالين وأصحاب العقود الهشة هم الأكثر تحركا في هذا الحراك المطلبي، فقد اعتبر أن ”الأمر في غاية الأهمية، لأنه يمس بالتوازنات الاقتصادية، وبخاصة الميزانية العامة في شطرها الخاص بالنفقات، وبالتالي فأمر البطالة وخاصة أصحاب العقود الهشة لا يجب أن يبقى حلا دائما، بل يجب على الساهرين على الشأن العام أن يضعوا إستراتيجية للتشغيل توفر العمل مبدئيا وتصون كرامة الفئة الشغيلة، لأن التخلف إذا حللناه، يعني نسبة عالية من البطالة وهشاشة في الأجور”، وعلى هذا الأساس يرى المتحدث أنه لا يمكن ”احتواء إشكالية العمل والتشغيل دون إستراتيجية تنموية حقيقية تقوم بالنسبة للجزائر على أمرين هما الاستثمار العقلاني للموارد البترولية في التنمية واحتواء الفساد كيفما كان، وثانيا الإقلاع التنموي الخاص الذي يعتمد على الطاقات المحلية”. الجزائر: نوار سوكو ‘'حقنة'' عقود ما قبل التشغيل لم تعد كافية 20 سنة من المعاناة وانتظار الإدماج أدرجت الحكومة برنامج عقود ما قبل التشغيل كحل لتقليص نسبة البطالة خصوصا لفئة حاملي الشهادات الجامعية، بالنظر إلى أن المؤسسات العارضة لمناصب العمل النادرة أصلا تفرض بعض القيود التي يصعب أن يكتسبها خريجو الجامعات، مثل الخبرة المهنية لعدة سنوات (خمس سنوات في المتوسط). وعلى هذا الأساس تم العمل على توسيع برامج ترقية الشغل من خلال تعميم عقود ما قبل التشغيل بالنسبة للمؤسسات العمومية والخاصة، وتأكد هذا التوجه من خلال المرسوم الرئاسي 234 96 المؤرخ في 02/07/1996 والمتضمن دعم تشغيل الشباب من خلال برامج التكوين، التشغيل والتوظيف في عهد الرئيس السابق اليامين زروال. ويهدف برنامج التشغيل إلى محاولة إدماج خريجي الجامعات للتكوين القصير (ثلاث سنوات للتقني السامي)، أو طويل المدى (أربع أو خمس سنوات لليسانس أو المهندس)، في سوق العمل بشكل يتلاءم مع مؤهلاتهم ومستوياتهم التعليمية. واستمر العمل بنفس البرنامج إلى عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وبعد احتجاج المعنيين بالوظائف، تقرر تجديد عقود ما قبل التشغيل بصفة تلقائية في كل المؤسسات والإدارات، حيث جاء في مرسوم رئاسي بأنه ‘'سيستفيد جميع عمال جهاز الإدماج المهني وحاملي الشهادات العاملين في المؤسسات والإدارات العمومية من تجديد عقودهم بصفة تلقائية بعد انتهاء السنة الأولى أو الثانية منه بدون استثناء، وذلك بعد أن كانت المؤسسات المشغّلة ترفض تجديد العقود بعد انتهاء العام الأول، ما أدى إلى إحالة العديد منهم على البطالة مجددا”. الجزائر: ز. فاضل أعيان ومنتخبون بإليزي يطالبون بفتح تحقيق ”جهات خفية وراء تحريض البطالين على الاحتجاج” اتهم أعيان ومنتخبون بولاية إليزي جهات خفية لم يحددوها بالاسم بالوقوف وراء الاحتجاجات التي شهدتها المنطقة، منتصف الأسبوع الماضي، مطالبين والي الولاية بفتح تحقيقات أمنية لتحديد الجهات التي حركت الشارع في أكثر من مرة في حركات احتجاجية شعبية حدثت في زمن متقارب جدا، بعيدة على أن يكون الهدف منها التكفل بانشغالات البطالين، كما يزعم منظموها. وأكد هؤلاء الغاضبون من الاحتجاجات الأخيرة التي تسببت في قطع الطرقات وتعطل مصالح المواطنين أن هناك أطرافا مندسة خلف العشرات من البطالين وتدير الأمور عن طريق الوكالة خدمة ”لأغراض سياسية وشخصية” هي من ساهمت بطريقة أو بأخرى في تأجيج الوضع وتهدف من وراء ذلك لبث العنف والفوضى والانتفاضات الشعبية شبه اليومية التي أصبحت المنطقة مسرحا لها، والتي قد تؤدي إلى الهاوية نظرا لما هو قائم وبالأخص حالة الغليان وسط الشباب. وقال متابعون للشأن المحلي إن هناك جهات ربطت اتصالات مع شباب من مختلف بلديات الولاية، مستغلة ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية الصعبة لإشعال الشارع بغرض تصفية حسابات مع أطراف أخرى. وشهدت مدينة إليزي، الأسبوع الماضي، حركة احتجاجية أقدم خلالها المحتجون على غلق بعض المرافق الإدارية وقطعوا الطريق الوطني رقم 03 الرابط بين إليزي وورڤلة الذي يعد الشريان الحيوي للولاية بدون منازع، ما تسبب في منع مرور عشرات المركبات ومنها الحافلات وشاحنات نقل مواد التموين وسيارات خاصة وعمومية وصهاريج نقل الوقود، واحتجاز عشرات المسافرين الداخلين والمغادرين للمدينة، في ظروف صعبة مع ارتفاع درجة الحرارة، خصوصا وأن من بين المحتجزين عائلات وعمال من مختلف المصالح. إليزي: كريم شنقيطي عضو بالمكتب الوطني للجنة عقود ما قبل التشغيل، مجاهدين سفيان، ل”الخبر” لن نتراجع عن مطلب الإدماج لوقف عقود الاستبداد أفاد مجاهدين سفيان، عضو المكتب الوطني للجنة الوطنية لعقود ما قبل التشغيل والشبكة الاجتماعية بنقابة ”سناباب”، في تصريح ل''الخبر''، بأن أكثر من 600 ألف شاب من المستفيدين من هذه الصيغة، يصرون على الاستجابة لمطلبهم المتمثل في الإدماج، ولن يتراجع أحد إلا بتحقيق ذلك وكسر حصار ”عقود الاستبداد”. كيف تتعاملون مع وضعكم، بالنظر إلى أن الإدماج يظل بعيدا المنال؟ الغريب في الأمر أنه لا يوجد قانون واضح يلزم المؤسسات الجزائرية بإدماج الموظف، وبالتالي يبقى مصيره مجهولا ومعلقا بيد مسؤوله الأول في المؤسسة، وفي أغلب الحالات تنتهي صلاحية العقد دون أي إدماج على الرغم من الوعود التي يسمعها من المسيّرين طيلة فترة العقد. هل تصرف لكم المنح في وقتها؟ ”كثيرا ما لا تصرف هذه المنحة في وقتها المحدد، حيث يصل التأخر في دفعها إلى 6 أشهر وربما أكثر في بعض المديريات. ولهذا يجمع المتعاقدون على أن الحكومة تخلت عنهم تماما، بل تعتبرنا ثقلا عليها ولا نية لها في إعطائنا حق العمل. ونحن نعاني الكثير بسبب ذلك لأننا نعيش على الدين، وهناك من أصبح يعيل عائلة بأكملها ويفكر في الانتحار أحيانا، لأن لا أحد يسمع صوتنا، ونحن اليوم أشبه بمن يستعبدون بشبه عقد عمل، وصرنا نطلق عليها اسم ”عقود الاستبداد والاستعباد”. كثيرة هي احتجاجاتكم، هل لا يزال إصراركم على الخروج للشارع كبيرا؟ كلما أصرت الحكومة على الإبقاء على هذه الصيغة، في الوقت الذي يتم فيه فتح مسابقات للتوظيف في مختلف القطاعات، يلتف الآلاف من أصحاب عقود ما قبل التشغيل حول اللجنة الوطنية لعمال عقود ما قبل التشغيل والشبكة الاجتماعية، وهي لجنة تضم كل العمال الذين يعملون في إطار عقود ما قبل التشغيل والشبكة الاجتماعية وفي كافة القطاعات العمومية من التربية والصحة والجامعة والإدارة، البلدية وكل صيغ التعاقد مع الإدارات من حاملي الشهادات، ونصر على تلبية مطلب الإدماج في مناصب العمل من دون أي شرط. ومسيرتنا واحتجاجنا القادم سيكون من أجل ‘'وقف استغلال الشباب''، بأجر يتراوح بين 8 آلاف و15 ألف دينار.