اقترح التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية صيغة جديدة يتم من خلالها تنظيم الانتخابات في الاستحقاقات القادمة. وتنتقل كامل صلاحيات وزارة الداخلية بموجب الاقتراح، إلى هيئتين مستقلتين، لجنة ومرصد، يكون لهما الحصرية في الإشراف على الانتخابات من ألفها إلى يائها. واستند اقتراح الأرسيدي الذي حصلت ”الخبر” على نسخة منه، على تحقيق أجراه المعهد الدولي من أجل الديمقراطية والمساعدة الانتخابية في سنة 2006، كشف أن 55 بالمائة من بين 214 دولة شملها المسح، تَعهّد بتنظيم الانتخابات إلى هيئات مستقلة، تحوز على صلاحيات واسعة، في حين تتبع 15 بالمائة النموذج المختلط. وهذا ما يثبت، حسب الأرسيدي، أن إشراف وزارة الداخلية على تنظيم الانتخابات ليس معيارا عالميا لا يمكن الاستغناء عنه، مثلما يراد للطبقة السياسية أن تقتنع، ويعزز بالمقابل من اقتراح الحزب الذي يطالب منذ فترة بسحب تنظيم الانتخابات من صلاحيات الإدارة لأنها ”مرتع التزوير وتغيير إرادة الشعب”. وأوضح الأرسيدي أنه يعمل منذ مدة على إيجاد توافق بين القوى السياسية والديمقراطية، من أجل الدفع باتجاه تحقيق مسارات انتخابية حرة وشفافة، ولا يكون بذلك إلا باعتماد مقاربة جديدة في الهيكل التنظيمي للانتخابات، يكون مشكلا من لجنة وطنية لتسيير الانتخابات، ومرصد وطني للانتخابات. وتتكون اللجنة الوطنية لتسيير الانتخابات، حسب اقتراح الأرسيدي، من عشر شخصيات وطنية تتصف بالحكمة والخبرة الطويلة والحياد السياسي، يتم اختيارها عبر توافق الأحزاب السياسية الممثلة، من بين منظمات حقوق الإنسان، والمنظمات المهنية، ونقابات المحامين، والقضاة المتقاعدين وغيرهم. وقال حكيم صاحب، عضو المكتب الوطني، الذي أشرف على إعداد الاقتراح، ل”الخبر”، إن الأرسيدي لا يمانع في تعيين شخصيات لها بعد وطني وبلغت من النضج السياسي والمعرفي مبلغا كبيرا، مثل الأخضر الإبراهيمي، أو عمداء كليات الحقوق المشهود لهم بالكفاءة، أو غيرهم ممن لا يختلف اثنان على أهليتهم. ويتضمن اقتراح الأرسيدي تقريرا مفصلا عن عمل اللجنة الوطنية لتسيير الانتخابات، حيث يكون لها مهمة تسيير التسجيلات الانتخابية، ومراجعة القائمة الانتخابية، والمتابعة المستمرة للبطاقية الانتخابية. ويعطي لها الصلاحية في منح البطاقة الانتخابية وإدخال بطاقات بيومترية. كما يمنحها الاقتراح صلاحية التقسيم الانتخابي وتوزيع مكاتب التصويت، حسب مبدأ العدالة الديموغرافية. وبإمكانها أيضا اعتماد المراقبين المحليين والدوليين، ولها حق تقديم اقتراحات لتعديل القانون الانتخابي، ووضع تشريع ينظم عملها في إطار من الشفافية والحياد. وبشأن المرصد الوطني للانتخابات، وهي الهيئة الثانية المقترحة للإشراف على الانتخابات، فيعرفها الاقتراح بأنها هيكل مؤقت مستقل يتم تنصيبه في كل موعد انتخابي. وفي الأنظمة الديمقراطية، يشكل المرصد الحر، ”إجراء يمنح ضمانات للمواطن في تنظيم المسار الانتخابي”. ويُبين الاقتراح أن المرصد يكون مشكلا من شخصيات من المجتمع المدني والنقابات والميدان الثقافي، ويكون عمله مركزا في مراقبة عمل اللجنة، والنظر في تسييرها للانتخابات ومدى تطبيقها للقوانين، ووقف أي خلل يشوب سير العملية الانتخابية، أو اضطرابات تعتري المسار الانتخابي. ويكون المرصد مطالبا، حسب الاقتراح، بإصدار تقرير شامل حول سير الانتخابات، وتطور وملاءة الإطار الانتخابي، وتقييم عمل لجنة تسيير الانتخابات، قياسا إلى القوانين الضابطة لعملها في الميدان.