شخصية الأمير تشبه مارثن لوثر كينغ وهو يعطيك الانطباع باحترام العرب وثقافتهم يشرع المخرج الأمريكي شارل برنات، رسميا، في عملية تصوير فيلم "الأمير عبد القادر" يوم 17 نوفمبر بالجزائر العاصمة، حيث سيتم تصوير المشاهد الداخلية، قبل أن يسافر إلى مدينة معسكر لتصوير المشاهد الخارجية. كما أكد المخرج الأمريكي، في حوار مطول مع "الخبر"، رفقة المنتج الفرنسي فيليب دياز، أن شخصية الأمير عبد القادر في الفيلم لن يتم إسنادها إلى أي ممثل أمريكي أو فرنسي، وذلك لأهمية اللغة العربية التي سيتحدث بها "الأمير". أنت أمام تجربة ثانية تحاكي إحدى الشخصيات الإفريقية الهامة التي كافحت الاستعمار، ما الذي يغريك في التجربة؟ السؤال الذي يؤرقني هو كيف نصبح جزءا من الحلول التي نقدمها للمشاكل التي تواجه البشرية، من العنصرية والاستعمار وغيرها. أعتقد أن الإجابة في الفن من الشعر والروايات والسينما، وهي ميكانيزمات تساعد الناس على الفهم الحقيقي للأوضاع. في ستينيات القرن الماضي عندما بدأت احتراف مهنة الإخراج، كانت هوليوود تروّج للأفلام التي تعزّز العنصرية، ولأنني من أصول إفريقية، كان العبء ثقيلا علي، ومن أجل محاربة تلك الأفكار اتجهت إلى السينما. فإخراجي للأفلام في تلك المرحلة لم يكن بهدف جمع المال، وإنما لتقديم الرواية الحقيقية حول حقيقة المغتربين من أصول إفريقية في الولاياتالمتحدةالأمريكية. إلى أي مدى تعتبر جنسية المخرج عاملا مهما بالنسبة للفيلم؟ لا أعتقد أن جنسية المخرج مهمة، ولا أرى ضرورة أن يكون المخرج من نفس جنسية العمل. أنتجت العديد من الأفلام عن اليابان وغيرها، مثلا الفيلم الذي أخرجته عن "ناميبيا" الذي قدم بعشر لغات وهي أفلام ناجحة وتحقق الرؤية السينمائية العالمية. هناك ضرورة دائما لتقديم المشاكل الداخلية وفق رؤية خارجية، لهذا فقد أكون أفضل من المخرج الجزائري في هذا العمل، ببساطة لأني لن أكون طرفا في أي اتجاه. أتذكر عندما قمت بتصوير فيلم "ناميبيا"، كانت الأوضاع في ذلك البلد صعبة جدا والدولة مشتتة من الداخل ومنقسمة، وكان تقديم أي مخرج "ناميبي" للفيلم سوف يضعه في خانة عدم الانحياز، وهنا تكمن أهمية الرؤية الخارجية. فعندما تكون من جنسية غير جنسية الموضوع، ستبذل جهدا كبيرا من أجل تحقيق ذاتك، وذلك بالاستماع إلى الأطراف جيدا، وهذا هو المهم في إخراج الفيلم من طرف أجنبي. وأنا في فيلم "الأمير عبد القادر" أحظى بالدعم الفني، لأني في الحقيقة لست ضمن الصراعات الداخلية. هل سمعت بأن المخرجين الجزائريين ساءهم اختيارك للعمل بما اعتبر "تقزيم" لكفاءتهم؟ نعم سمعت ذلك، وأستطيع أن أتخيل حجم انزعاجهم. لكن المهم دائما هو الإجابة على سؤال: ما الذي يمكن أن أقدمه كمخرج أمريكي لفيلم "الأمير عبد القادر" الجزائري؟ أنطلق دائما في أعمالي والتي منها فيلم "قاتل الجبان" الذي أعالج فيه مشكلة ذوي الأصول الإفريقية في الولاياتالمتحدةالأمريكية (وهو فيلم سياسي بالدرجة الأولى)، من أهمية إيصال المعلومات إلى أكبر قدر ممكن من الجمهور. أحاول مساعدة الناس على فهم الأشياء المحيطة بهم من التاريخ، وفهم المجتمع مهمتي منذ البداية، لأن السلطات لا تفهم حقيقة معاناة الطبقات البسيطة والتي تتجاوز مشاكل البطالة والأمية والمشاكل الأسرية إلى تعقيدات التاريخ. ماذا تقول لهم بعد أن وقّعت العقد مع وزارة الثقافة الجزائرية، الذي يعتبر حلم كل المخرجين الجزائريين؟ سؤال صعب جدا، لا أجد له إجابة. أنا لا أعرف الكثير من المخرجين الجزائريين، وأتفهّم انزعاجهم وأود أن أقول لهم إنه من الصعب علي أن أقول لكم لماذا لم تنجزوا الفيلم بنفسكم يا جزائريين طيلة الخمسين سنة الماضية؟ كانت لديكم فرص كثيرة لإنجاز الفيلم، وأين كنتم طوال تلك الفترة؟ لكن إذا كانوا فعلا منزعجين لأني من سيقوم بإنجاز الفيلم أقول لهم "أنجزوا فيلما مشابها إذن بأنفسكم ". وأتمنى أن يشجعهم فيلمي على إنجاز نسخة ثانية عن الأمير عبد القادر. ماذا يمثل الأمير عبد القادر بالنسبة لك؟ شخصية الأمير عبد القادر تشبه في الوضوح شخصية مارثن لوثر كينغ، لأنه قال يوما: "إن لم تقاتلوا من أجل طريقي لن تقاتلوا أبدا". عندما ننظر إلى شخصية الأمير عبد القادر الرائعة، سوف تعطيك انطباعا كبيرا لتحترم العرب والثقافة العربية. فسيرته تعطيك انطباعا هاما على أنه شخصية رائعة تتمتع بقدر كبير من الحس الإنساني، فحتى قتله لأعدائه في المعارك كان يحمل أبعادا إنسانية. فالأمير كان يحمل الكثير من القيم والمبادئ للناس والعالم أجمع. كم كتابا قرأت عن الأمير عبد القادر؟ لم أطلع على الكثير من الكتب عن الأمير عبد القادر، ربما بعض الكتب التي قدمها لي المنتج فيليب مؤخرا، وقد اشتريت كتابين عن الأمير ولا أتذكر عنوانيهما ولم اقرأهما كاملين. كيف وجدت السيناريو؟ هناك عمق في الطرح وتركيز على جميع جوانب حياة الأمير، لاسيما فيما يتعلق بالمعارك ورحلته إلى سوريا، حيث ساعد المسيحيين. لهذا فأنا متحمس لإنجاز الفيلم الذي اقترح علي منذ المهرجان الدولي للفيلم الملتزم الذي شاركت فيه بالجزائر. حسب سيناريو الفيلم، فإن الأمير عبد القادر قدم الكثير للشعب الجزائري ولبلاده، فمهمة الحفاظ على المبادئ ليست سهلة، فهناك الكثير من الزعماء الذين يتشدقون بالمبادئ ولكنهم يضيعون في النهاية في متاهة الحسابات الشخصية. على سبيل المثال أوباما عندما تولى الحكم كان الشعب الأمريكي يأمل فيه الكثير، ولكن مع مرور الوقت تغيرت مبادئ أوباما الإنسانية. ما الذي جعلك على قناعة بأن الفيلم سوف يحقق نجاحا عالميا خصوصا في الولاياتالمتحدة ؟ مقتنع إلى حد ما، فعقلية السينما الأمريكية تغيرت مؤخرا وأصبحت الأفلام التي تتناول التسامح بين الأديان تستقطب الجماهير أكثر من أي وقت مضى. بين الممثل الأمريكي والجزائري والفرنسي، من تفضل أن يؤدي دور الأمير؟ لقد زرت هذا الأسبوع متحف المجاهد وشاهدت صور الأمير عبد القادر والأسلحة التي كان يستخدمها، أعتقد أن دور الأمير عبد القادر يحتاج إلى ممثل لديه بنية جسدية قوية، وهو أول معيار سأعتمد عليه في اختيار الممثل الرئيسي للفيلم. إضافة إلى ذلك، فإن عامل اللغة العربية مهم جدا، لأني لا أريد أن أقع في فخ الأخطاء المتكررة التي يسقط فيها العديد من المخرجين من ناحية اللغة، لهذا لن يكون بطل فيلم الأمير عبد القادر لا جورج كلوني ولا ليوناردو ديكابريو، سوف يسند دور الأمير عبد القادر إلى ممثل جزائري بالدرجة الأولى وإن لم أجد سأختاره من العالم العربي، سوريا أو مصريا أو تونسيا أو غيره. كم عدد الأبطال الرئيسين في الفيلم؟ مبدئيا لن يكون هناك أكثر من 6 أبطال في الفيلم، بينما سأحتاج إلى ما لا يقل عن ألف ممثل. لقد سبق لي التعامل مع هذا العدد الكبير من الممثلين في فيلم "ناميبيا"، وكانت تجربة مميزة. السينما تحتاج إلى فريق عمل ضخم، لهذا أنا أرتب الآن للتعامل مع بعض المنتجين الجزائريين، للاستعانة بخبرتهم في الجزائر، لقد تأثرت بالكثير من الممثلين الذين شاركوا في فيلم "الخارجون عن القانون". متى ستنطلق في اختيار الممثلين وهل حددت تاريخا لبداية التصوير؟ انطلاق تصوير أول مشهد سيكون في17 نوفمبر بالعاصمة، حيث استأجرنا مكانا لتحويله إلى استوديو وتصوير المشاهد الداخلية، وبعدها بأسبوع نتجه إلى ولاية معسكر لتصوير المشاهد الخارجية هناك ومن ثمة إلى وهران وهكذا.. سأجري "كاستينغ" كبير قريبا جدا في غضون الثلاثة أسابيع القادمة في الجزائر، وأنا أدعو الفنانين الجزائريين للتقدم.