لأول مرة أحس بعمق معنى ما يقوله زعيم “حمس” الصديق مقري.. حين قال: “إن الجزائر في حاجة إلى نوفمبر جديد”. وأن عهد بوتفليقة تميّز بالفشل والفساد. نعم الجزائر.. في حاجة إلى نوفمبر جديد لإخراجها مما هي فيه.. من فشل سياسي اقتصادي وفساد وحالات اللاأمن وتوتر اجتماعي. لكن نوفمبر جديد معناه حل الأحزاب الفاشلة وتكوين جبهة جديدة لإنقاذ الجزائر مما هي فيه، لأن نوفمبر القديم الذي وقع قبل 59 سنة كان أساسه حل الأحزاب الفاشلة في الحركة الوطنية، تماما مثلما هي حال الأحزاب الفاشلة التي يعتاش بها النظام الفاشل حاليا. فهل زعيم “حمس” مقري على استعداد أن يحل حزبه وينظمّ كمناضل بسيط في حركة تحرير وإنقاذ الجزائر من النظام البائس الآن؟ أم أن مقري يريد نوفمبرا جديدا يستثني “حمس” من الكنس السياسي؟ التشخيص السياسي الذي قام به مقري مصيب إلى حد بعيد.. فالسلطة القائمة أصبحت تشبه إلى حد بعيد سلطة الكولون بالظلم والفشل والفساد وإقصاء القوى الحية للبلد والأحزاب السياسية أصبحت تشبه أحزاب الحركة الوطنية الفاشلة التي لم تستطع أن تتبنى قضايا الشعب الجوهرية، فاستحقت الثورة عليها من طرف النخب والشعب قبل الثورة على الاستعمار. اقرأوا بيان أول نوفمبر لتعرفوا أن الثورة في أول نوفمبر كانت بالأساس ثورة على الأحزاب المهادنة للاستعمار والمدجّنة والداعية للإندماج.. وحتى الأحزاب التي تمارس السياسة المسوّسة في الدعوة إلى الاستقلال بالاحتشام. ألا يشبه حال الأحزاب اليوم في قضية بناء الوطن حال أحزاب الأمس في قضية الاستقلال. لهذا فنحن نثمّن ما قاله مقري بخصوص حاجة البلاد إلى نوفمبر جديد. لكن يجب أن يبدأ بإنهاء حالة هذه الأحزاب البائسة، لأن ذلك هو الشرط الأساسي لتكوين حركة قادرة على إنهاء حالة هذا النظام البائس. ولنكن صرحاء ونقول: إن ما تقوم به أحزاب البؤس السياسي لا يقل خطورة على الشعب الجزائري ومستقبله مما تقوم به السلطة البائسة، تماما مثلما كانت أحزاب الحركة الوطنية “تكتّف” الشعب وتقدّمه سياسيا إلى الاحتلال. وقد نحتفل بالذكرى ال 200 للاحتلال كي نبدأ التفكير بجد في الاستقلال.