مفاوضات سرية بين إيران وأمريكا منذ جوان الماضي وقعت مجموعة دول ال”5+1”، الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا زائد ألمانيا، ليلة السبت إلى الأحد، بجنيف، اتفاقا مرحليا مع إيران حول برنامجها النووي يمتد على ستة أشهر، ووصفت واشنطن الاتفاق ب”التاريخي”، بينما رحبت به طهران، حيث قال الرئيس حسن روحاني إن الاتفاق “يسمح بتخصيب اليورانيوم على أراضي إيران”. في المقابل انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو القرار بشدة ووصفه ب”الخطأ التاريخي”، محتفظا بحق الدفاع عن النفس وعدم الالتزام بالاتفاق. قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، في خطاب حماسي، إن بلده احتفظ بحق تخصيب اليورانيوم، في حين أكدت واشنطن أن الاتفاق لا يتضمن إشارة إلى حق إيران في تخصيب اليورانيوم. هذا الاتفاق توجست منه إسرائيل واعتبرت نفسها غير معنية به، إذ قال وزير الاقتصاد نفتالي بينات “إذا انفجرت قنبلة نووية بعد خمس سنوات بمدريد أو نيويورك فسوف يعود السبب إلى هذا الاتفاق”، وتأسف وزير المالية لعدم التنسيق مع واشنطن في فترة المفاوضات، لكن الرئيس بيرز حاول من جانبه تلطيف الجو مع الشعب الإيراني “الصديق”، كما قال، في إشارة واضحة إلى خطاب وزيره الأول المتشنج. وصدرت ردود فعل مؤيدة للاتفاق من موسكو وبرلين وباريس ونيودلهي وإسلام أباد وحتى من دمشق الحليفة لطهران. فيما امتنعت دول الخليج عن التعليق، باستثناء الإمارات التي رحبت بالاتفاق. ويعتبر الاتفاق مرحليا لمدة ستة أشهر، تأتي بعده اتفاقيات واسعة قد تقضي على “الخطر” النووي الإيراني بشكل نهائي، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الخانقة على إيران. أما في المرحلة الحالية، فتبقى النتائج المتحصل عليها ضئيلة للغاية، لأن إيران تستفيد من رفع محدود جدا للعقوبات ويتوقف الكونغرس ومجلس الأمن عن إصدار عقوبات إضافية خلال المدة المحددة. وبخصوص بنود الاتفاق فتستفيد إيران من رفع الحظر على عائدات النفط في حدود 4,2 مليار دولار فقط، ويرفع الحظر على الذهب والأحجار الكريمة وقطاع صناعة السيارات، وسيبقى الحظر مفروضا على 20 بنكا إيرانيا وعلى الأرصدة والتحويلات، إضافة إلى الحظر العسكري الذي أصدره مجلس الأمن للأمم المتحدة. في المقابل، تتوقف إيران عن تخصيب اليورانيوم بنسبة أقل من 5 بالمائة وتفكيك التقنيات والوسائل التي تسمح بالتخصيب فوق سقف 5 بالمائة، وإتلاف اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة، وكذا منع إنجاز أي مفاعل نووي جديد، مع توقيف عمل منشأة أراك النووية، والتخلي عن استخراج البلوتونيوم من وقود قديم، وكذا السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتفتيش اليومي لمنشآت فورودو وناناطز ومصانع المفاعل وناجم اليورانيوم. وكان مفاعل أراك في قلب الصراع، في الجولة ما قبل الأخيرة في سويسرا، عندما أثاره وزير خارجية فرنسا وتم تعطيل المفاوضات بسببه. ويعتبر المفاعل الذي يشتغل بالماء الثقيل موردا أساسيا لإنتاج البلوتونيوم، ما جعله يجلب انتباه المفاوضين. يشار إلى أن الاتفاق تم في الجولة الثالثة والأطول منذ فوز روحاني بالانتخابات وسبقتها لقاءات سرية مع مفاوضين أمريكيين منذ جوان الماضي، حسب دبلوماسي أمريكي. وفي أولى نتائج الاتفاق قفزت العملة الإيرانية أكثر من ثلاثة بالمائة مقابل الدولار الأمريكي، الأمر الذي عزز الآمال بأن يتعافى الاقتصاد الذي يعاني من جراء العقوبات الدولية.