وسط أجواء إيجابية تواصلت أمس المحادثات النووية بين إيران ومجموعة الدول 5 + 1 بجنيف في يومها الثالث، وقد تميزت بانضمام وزراء خارجية كل من وزراء خارجية أمريكاوبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين إلى طاولة المحادثات، وهو ما قد يؤشر على تحقيق اختراق ما. ولعل ما يعزز أجواء التفاؤل هذه تأكيد العديد من المسؤولين الأوروبيين بأن هناك تغيرا واضحا مقارنة بجولات المحادثات السابقة، وكذا تصريح وزير الخارجية الإيراني الذي قال «دخلنا مرحلة يمكن لها أن تكون إيجابية جدا ونهائية للأزمة النووية المصطنعة»، وطالب ببحث تخفيف العقوبات المصرفية والنفطية كمرحلة أولى لأي اتفاق. في الوقت الذي أكد فيه أوباما أن التوصل لاتفاق نووي مع إيران أفضل بكثير من تصعيد التوترات بطريقة ربما تؤدي إلى مواجهة. وحسب تسريبات نقلت عن مصادر أوروبية مطلعة فإن تجاوب إيران خلال المفاوضات كان لافتا جدا حيث أبدت استعدادها لوقف تخصيب اليورانيوم في حدود 20% وتأجيل تشغيل مفاعل البلوتونيوم، و عدم استخدام أجهزة الطرد المركزي الحديثة (آي إر 2). وهذه معطيات قوية يمكن الانطلاق منها لرفع سقف الآمال والتفاؤل بأن تحقق مفاوضات جنيف هذه المرة اختراقا تاريخيا. فالشعور المتنامي بإمكانية تحقيق شيء وجدية المفاوضات جعل واشنطن تقرر قطع جولة رئيس دبلوماسيتها جون كيري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتوفده إلى جنيف للانضمام إلى المفاوضات. في المقابل، أفادت مصادر إعلامية أوروبية أن واشنطن قدمت اقتراحا لإبرام اتفاق نووي قصير المدى يسمح لطهران بمواصلة تخصيب اليورانيوم بدرجات منخفضة لمدة ستة أشهر يسمح بتجميد برنامج إيران النووي لستة أشهر، وترك المجال مفتوحا للتفاوض حول اتفاق شامل، يرافقه تخفيف للعقوبات على بعض صناعاتها البتروكيميائية والمعدنية وإفراج واشنطن عن بعض احتياطات النقد الأجنبي الإيراني. وكشفت هذه المصادر أن المرحلة الأولى من هذا الاقتراح تتضمن 4 نقاط: أولها قيام طهران بوقف تخصيب اليورانيوم إلى درجة 20 في المئة، وتحويل مخزونها إلى أكسيد غير مضر. ثانيها، تمكينها من مواصلة التخصيب إلى درجة نقاء 3,5 في المئة لتشغيل محطات الطاقة النووية، مع الحد من عدد أجهزة الطرد المركزي. ثالثها، التزام إيران بعدم تفعيل مفاعل البلوتونيوم في آراك خلال ستة أشهر. رابعها، التزام طهران أيضا بعدم استخدام أجهزة الطرد المركزي المتطورة القادرة على تخصيب اليورانيوم بسرعة أكبر من الأجهزة الأخرى. ورغم كل هذا التفاؤل إلا أن الحذر لم يفارق أجواء المحادثات حيث قالت بريطانيا على لسان رئيس دبلوماسيتها أمس أنه لا تزال هناك قضايا مهمة بحاجة لحل بشأن برنامج إيران النووي، وأنه «من غير المؤكد التوصل لاتفاق خلال هذه الجولة رغم إحراز تقدم جيد للغاية حتى الآن». فيما صرح وزير الخارجية الفرنسي أنه ليس لديه «أي يقين حتى الآن بأن اتفاقا سيبرم بين طهران والقوى الكبرى في جنيف».