صلاح عيسى الكاتب الصحفي وأحد المقربين من الفاجومي ”ظلت الجزائر جزءا مهما من ذاكرته الواسعة” “نجم من أهم الشعراء الذين عرفتهم مصر والعالم العربي في النصف الثاني من القرن العشرين، ولعب دورا مهما جدا في تجديد مدرسة الشعر العامية المصرية، تميز بأشعاره التي استلهمها من بيئة شديدة الخصوصية والطبقات المهمشة في المدينة بلغته الشعرية التي ينطبق عليها مقولة السهل الممتنع الذي يوحي لقارئه بأنه يستطيع الكتابة مثله، فيكتشف أصعب مما كان يتوقع، وغلب الجانب السياسي على أشعاره، وكان صوت الحركة الطلابية المقاومة، وهو من القلائل الذين حقق معهم لأسباب تتعلق بإبداعهم، وليس لانضمامهم لجماعات سرية، ونجح مع صديقه الشاعر الشيخ إمام عيسى في صناعة ثنائي ساهم في انتشار هذه الأغاني ووصولها إلى الناس، على الرغم من الحصار الشديد التي كانت تتعرض له أشعاره. نجم شخص نادر كأشعاره، عانى وعاش حياة غير طبيعية وغير مألوفة، عمل عشرات المهن، كان عاملا في مصنع وبائعا متجولا في المواصلات العمومية، دخل ملجأ للأيتام، حياته بالغة الغرابة كانت المشتل الذي ساق منه تجاربه الشعرية، فحفر اسمه في تاريخ الشعر والأدب، وكان مفكرا سياسيا لامعا، وحين يكتب الشعر تكتشف أنه يملك وعيا سياسيا فطريا، كان “فاجومي” بالفعل كما وصف نفسه، ولا يخشى أحدا، وظلت الجزائر التي احتضنته جزءا مهما من ذاكرته الواسعة، وكان يعتز بها اعتزازا شديدا وبالغا، وظل يتابع باستمرار ما يجري فيها من أحداث”. الدكتور عصام الشماع، مخرج فيلم “الفاجومي” “اختار أن يكون من الفقراء والبسطاء ليعبر عنهم” “نجم لم يكن شاعرا فقط، وإنما كان يعبر عن الإنسان المصري المقاوم، كان إنسانا يعيش هموم الحارة والزقاق ويختلط بها ويمزجها ويخرج عصيره الشعري، هو فعلا أكثر شاعر عبر عن المفردات الشعبية للقرية المصرية في صورتها الخام بلسان شعبي، ولم يكن معنيا بجماليات الشعر أكثر من التعبير الشعبي، وهو لسان حال الشعب، سجن ودفع ثمن شعره في كل العصور، في عهد عبد الناصر والسادات ومبارك، لأنه كان منحازا للجماهير العريضة من الشعب، وكان يختار أوزانا وموسيقى بسيطة حتى يفهمها المتلقي بسلاسة، كان مصريا حتى النخاع، وعبر عن الطبقات الشعبية بشكل تلقائية وعفوية، كان فاجوميا فعلا مثلما سمى نفسه، فهو مثال للصراحة والجرأة بلا حدود، وكان ممكنا أن يكون من الطبقة الثرية إلا أنه اختار أن يكون من الفقراء والبسطاء ليعبر عنهم، ليس قهرا وإنما اختيارا حتى وإن كان مقهورا في لحظات كثيرة”. السيناريست باسم شارة “الجزائر كانت وطنه الثاني” “رحيل شاعرنا الكبير أفقدنا جزءا مهم من التراث المصري الكبير والمليء بالنضال، وكان الفاجومي مناضلا كبيرا وكنا نردد أشعاره وأغانيه بميدان التحرير أثناء ثورة 25 جانفي، وكأن التاريخ يعيد نفسه، وكنا نستلهم النضال منه، وكانت قصيدته طوال الوقت بمثابة منشور سياسي، وتشاء الأقدار أن يدفن في نفس المكان الذي كان يختبأ فيه من رجال الأمن في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وكان يقول إن الموت خيانة، وكان يتعامل معنا نحن الشباب معاملة الصديق الوفي والمخلص، ولم يتعامل مع الجميع دون تصنيف طبقي، وقال لنا إن الجزائر كانت ملاذه الآمن للهروب من عناصر الأمن التي كانت تلاحقه أيام عبد الناصر والسادات، وكان دائما يردد: الجزائر وطني”. عز الدين ميهوبي “نجم شاعر لن يتكرر” يقول الكاتب عز الدين ميهوبي “استطاع الشاعر الراحل فؤاد نجم أن يضيف إلى النص المكتوب بالعامية لجمهور واسع، وعلم الناس النقد البناء من خلال أسلوبه السياسي الحاد”. ولكونه مناضلا دفع الفاتورة من أجل مواقفه، فقد عاش نجم على هامش هذا المواطن المصري الذي لم يتخل عن لباسه التقليدي، ويؤكد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية أن فؤاد نجم لم يكن أيضا حبيس بيئته المصرية فقط، بل ذهب بعيدا إلى إنصاف القضايا العربية والإنسانية من خلال قصائد تغنت بالثورات، وهنا يلتقي فؤاد نجم بالثورة الجزائرية التي يحفظ لها قيمتها، فهو حسب ميهوبي “شاعر لن يتكرر”. الطاهر بن عيشة “رجل طيب أحب الجزائر بإخلاص” “ارتبط فؤاد نجم بالثورة الجزائرية، كما أنه عاش بحبها وسجل العديد من المواقف، على غرار موقفه من المباراة الكروية التي جمعت بين الجزائر ومصر. وقاطع نجم المصريين في تلك الفترة وقرر السفر إلى الجزائر”. ويؤكد بن عيشة الذي ظل يعتبر مصدر اعتزاز كبير بالنسبة لفؤاد نجم، أن الراحل كان يطلب دائما من إدارة المسرح الوطني دعوته وجميلة بوحيرد في كل ندوة أو جلسة شعرية تنظم على خشبة مسرح عز الدين مجوبي”، وأضاف “كان نجم يطلق على النقد كلمة نميمة وقال لي مرة: كنت أظن نفسي أستاذ النقد والنميمة، ولكن أنت يا بن عيشة إمبراطور النميمة”. وحسب شهادة بن عيشة فإن نجم عاش رجلا طيب القلب يحب الفقراء، ويعتبر الأحياء الشعبية أكثر المناطق تعبيرا عن الوجه الحقيقي للجزائر”. عيسى مولفرعة “وقفة تأبينية بالمسرح الوطني تكريما للفقيد” قال عيسى مولفرعة مسؤول البرمجة والتوزيع بالمسرح الوطني محي الدين بشطارزي، إنه تقرر تنظيم وقفة تأبينية بالمسرح الوطني يوم السبت القادم، وذلك تكريما لروح الشاعر الكبير فؤاد نجم. ويسرد عيسى مولفرعة مسيرة رحلات نجم إلى الجزائر التي بدأت منذ خروجه من السجن بمصر مع الشيخ إمام، حيث قررا زيارة الجزائر وقام المسرح الوطني بتنظيم جولات فنية للراحل مع الشيخ إمام جابت كل ربوع الجزائر، وكانت القاعات مكتظة بالجماهير كما يوضح عمي عيسى مولفرعة “أقام فؤاد نجم سنة ونصف في الجزائر وتزوج بالفنانة الجزائرية صونيا”، وأوضح أن نجم شارك في تقديم نص مسرحي ضخم عن العالم العربي والوحدة العربية.