وقف مشاركون، في يوم برلماني نظمته أمس كتلة جبهة القوى الاشتراكية بالمجلس الشعبي الوطني، على تراجع حقوق الإنسان في الجزائر، رغم وجود منظومة قانونية وتشريعية تكرّس هذه الحقوق، ومنها الدستور الجزائري. استبق رئيس المجلس الشعبي الوطني، العربي ولد خليفة، التوجه العام لنقد الأوضاع والحصيلة بإبراز الإنجازات التي تحققت في الجزائر، من إصلاحات (على الورق) في كل المجالات، لكن المداخلات التي تبعت تدخله سارت في اتجاه آخر، وقال البروفيسور مجيد بن شيخ ”لا يمكن فصل وضع حقوق الإنسان عن الوضع السياسي العام في البلد. نحن بلد يمارس ديمقراطية واجهة لنظام تسلطي، والدليل على ذلك فقدان استقلالية القضاء، وعدم معالجة إرث الأزمة الأمنية ومنها ملف المفقودين”. وأبرز رئيس المجموعة البرلمانية لجبهة القوى الاشتراكية، شافع بوعيش، أهمية وجود قضاء مستقل في الجزائر، ف«الدول التي تكون فيها السلطة القضائية مستقلة تحترم فيها حقوق الإنسان”. وقالت المحامية فريدة ابركان، الرئيسة السابقة لمجلس الدولة، إن ”استقلالية العدالة تبدأ من استقلالية القضاء، لكن الواقع في الجزائري مليء بالمفارقات، منها أن المجلس الأعلى للقضاء، الذي يوفر نظريا الحماية للقضاة، يوجد في يد السلطة التنفيذية”، باعتبار أن أغلب أعضاءه معينين. وفي السياق نفسه، أشار الأمين الوطني الأول للأفافاس، أحمد بيطاطش، إلى أن الجزائر تتوفر على منظومة قوانين في مجال حقوق الإنسان ”لكنها تلميذ كسول في تطبيقها”، واقترح بالمناسبة إنشاء محكمة دستورية بديلة للمجلس الدستوري تتولى مهمة الرقابة على مدى دستورية التشريعات. وتأسّف المحامي والحقوقي مصطفى بوشاشي لكون الجزائر، التي تتوفر على أحسن الدساتير في مجال حماية الحريات والحقوق، ليست سوى ”أمة تفتخر بالنصوص لا بالحقوق”، لافتا إلى التراجع الرهيب عن المكتسبات التي تحققت بعد التعددية، وأن وعود الرئيس بوتفليقة في خطاب 15 أفريل 2011 بالإصلاح لم تتحقق، ”بل الذي حدث هو العكس”. وعرض البرلماني أدلة على التراجع ”فهمّ القاضي أن يرضي المسوؤلين من خلال الفصل السريع في القضايا الهائلة المجدولة”، كما سجل أن القضاء يتابع الضعفاء في حين يفلت الكبار من الملاحقة، كما هو الحال في قضايا الفساد الكبرى أو في حالات تزوير الانتخابات. واستغرب أن قرارات الرئيس والوزير الأول والمجلس الدستوري غير مطعون فيها أمام القضاء الإداري، وتحدث بمرارة ”كنت أعتقد أن قرارات الملوك هي فقط التي لا يمكن الطعن فيها”. ولفتت المحامية والمناضلة الحقوقية، نبيلة إسماعيل، إلى تراجع المكتسبات في مجال حقوق الإنسان وحقوق الدفاع، وتحدثت عن تحوّل مقولة ”المتهم بريء حتى تثبت إدانته” إلى مقولة ”كل من يمثل أمام قاضي جزاء متهم إلى أن يُثبِت براءته”، وصدرت عن المتدخلين مطالب بالتجنّد للدفاع عن الحقوق.