إن نجح عبد القادر بن صالح في تخطي عقبة تنظيم المؤتمر الرابع للأرندي في ظروف هادئة، فإن هناك معركة أخرى لا تقل أهمية في انتظاره تخص تشكيلة الأمانة الوطنية للحزب، وهي القضية التي فتحت باب السباق على مصراعيه ما بين العديد من الوجوه الفاعلة في الأرندي الراغبة في افتكاك مقعد في القيادة، ويتصدرها العديد من وزراء الحزب السابقين والحاليين. رغم توسيع تركيبة الأمانة الوطنية التي عوّضت تسمية المكتب الوطني في القانون الأساسي الجديد، من 17 إلى 21 عضوا، بعدما كانت بين 13 و17 عضوا في السابق. غير أن ذلك من شأنه أن يفتح جبهة متاعب جديدة أمام الأمين العام الجديد للأرندي، عبد القادر بن صالح، ومردّ ذلك وجود قائمة طويلة من الأسماء الراغبة في التواجد ضمن تشكيلة القيادة الوطنية للحزب، وهو ما يجعل بن صالح في مواجهة ضغوط كبيرة قد لا تختلف عن تلك التي سبقت انعقاد المؤتمر، حيث كانت المعركة حول من يحضر كمندوب للمؤتمر بالأوراسي. وأفادت مصادر موثوقة أن السباق لا يقتصر على وزراء الحزب السابقين والحاليين الراغبين في أن يكونوا ضمن مجموعة ال21، على غرار محمد مباركي وبلقاسم ملاح وبن بوزيد وغلام اللّه ومحمد الشريف عباس ونوارة جعفر ويحيى ڤيدوم وحرشاوي وبوشوارب وغيرهم، بل هناك أيضا وجوه قيادية في المنظمات الوطنية والتنظيمات المحسوبة على الحزب تسعى لافتكاك حصتها ضمن تركيبة الأمانة الوطنية الجديدة للحزب، وأيضا أعضاء سابقين في المكتب الوطني السابق تريد كذلك الاحتفاظ بمواقعها، خصوصا بعدما أفرزت تشكيلة المجلس الوطني حضورا قويا لأنصار الأمين العام السابق أحمد أويحيى. وإذا كانت ”كوطة” بن صالح وحقه في تعيين أعضاء في المجلس الوطني قد سمحت له ب ”إنقاذ” أسماء لم تكن لتمر في الانتخابات الولائية بسبب الحصص المخصصة لكل ولاية في المجلس الوطني، وخاصة بالولايات التي يتواجد بها عدد من وزراء الحزب، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة للأمانة الوطنية المرتبطة أكثر بتوازنات جهوية يصعب معها على بن صالح إيجاد التوليفة التي تطوي أزمة الحزب نهائيا، حتى بعدما تقرر توسيع مقاعد الأمانة الوطنية إلى 21 عضوا. ولهذا الغرض عقد بن صالح، أول أمس، أول جلسة للمجلس الوطني، حيث تم تكليف لجنة بتكييف النظام الداخلي تحسبا لتشكيل الأمانة الوطنية. ولكن بالنظر لاقتراب مواعيد سياسية هامة، وفي مقدمتها الانتخابات الرئاسية، فإنه ليس أمام بن صالح الوقت الكافي للتفكير بهدوء في عملية اختيار من يرافقونه في القيادة لتسيير شؤون الأرندي، وهو ما قد يفتح عليه جبهة من الغضب والتذمر، خصوصا من الوزراء الذين قد لن يجدوا أسماءهم ضمن القيادة الوطنية. كما استُحدث منصب نائب للأمين العام عبد القادر بن صالح في القانون الأساسي الجديد، والذي سيشرف عليه قيادي واحد أو ثلاثة على أقصى تقدير، من شأنه أن يكون مصدر متاعب أكثر منه مساعدة بن صالح في تسيير شؤون الحزب بسبب انشغاله برئاسة مجلس الأمة، لكونه سيخلق تصنيف جديد ودرجات عليا ما بين أعضاء الأمانة الوطنية أنفسهم، ما قد ينجب حساسيات وحزازات في القيادة بسبب الولاءات.