في الوقت الذي تسعى فيه الولاياتالمتحدة الأميركية إلى التوصل إلى اتفاق "إطار" بين الفلسطينيين والإسرائيليين، من خلال الجولات المكوكية التي يقوم بها وزير خارجيتها جون كيري في المنطقة، ومحاولة تقريب وجهات النظر بين الجانبين حول البنود السياسية والأمنية، والحصول على دعم عربي ودولي للاتفاق، قلّل كتاب وباحثون فلسطينيون من إمكانية تحقيق اختراق كبير في القضايا الفلسطينية المصيرية، مشيرًا إلى أنّ كلّ الطروحات لن تكون مُرضية للفلسطينيين، ولا تلبي الحد الأدنى من حقوقهم.ورأى هؤلاء أنّ كل ما يحدث يهدف إلى تحقيق مكاسب وإنجازات لصالح إسرائيل على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، لكنّ الحديث عن إمكانية التوصل لاتفاق يبقى في الواجهة، خصوصاً في ظل الضغوطات التي تُمارَس على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من قبل الولاياتالمتحدة الأميركية. أميركا لن تنصف الفلسطينيين... "من هو المجنون في السياسة الذي يعتقد أنّ الولاياتالمتحدة الأميركية ستنصف الفلسطينيين؟"، سؤالٌ مشروع يطرحه الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، قبل أن يقلّل من شأن ما يُحكى عن فرصٍ لتحقيق وانجاز أي من القضايا المصيرية للشعب الفلسطيني من خلال ما سُمّي ب"اتفاق إطار" بين الفلسطينيين والإسرائيليين.وفي حديث ل"النشرة"، يشدّد عوكل على أن وزير الخارجية الأميركية جون كيري الذي يقود المباحثات بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي، تبنى الشرط الإسرائيلي المتعلق بيهودية الدولة، لافتاً إلى أن هذا من أصعب الشروط التي لن يقبل أو يوافق عليها أي فلسطيني.ويعتبر عوكل أن كل القضايا والمواضيع التي يجري التباحث بشأنها وبالذات قضية اللاجئين، تريدها الولاياتالمتحدة أن تكون في صالح إسرائيل، ومنحازة للموقف الإسرائيلي وهذا ما يحدث الآن. ويضيف: "أي اتفاقيات لن تلبي آمال وطموحات الفلسطينيين بل حتى الحد الأدنى من الحقوق الفلسطيني لن يقبل بها الفلسطينيون".ويتحدّث المحلّل السياسي الفلسطيني عن ضغوط تُمارَس على الجانبين، وبالدرجة الأولى على الجانب الفلسطيني لأنه الفريق الأضعف، مشيراً إلى أنه يمكن الحديث عن اتفاق إطار يحدث وفق هذه الحالة، لكنه سيكون فضفاضًا وهدفه استمرار المفاوضات، جازمًا أنّه بالمطلق لن يقدم حلولاً للقضية الفلسطينية أو يحقق أي إنجاز في أيِ من القضايا الرئيسية. كيري يريد اتفاقا على حساب الشعب الفلسطيني وفي نفس السياق، يعتبر الأكاديمي والباحث في الشأن الفلسطيني أسعد أبو شرخ أن الولاياتالمتحدة الأميركية تضغط وبكل قوة من أجل التوصل لاتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيراً إلى أنها نجحت في الملف الإيراني إلى حد كبير، لكن النجاح الأهم والذي يريد أن يحققه وزير خارجيتها جون كيري بالذات هو مع الفلسطينيين.ويوضح أبو شرخ، في حديث ل"النشرة"، أنّ كيري يريد أن يتوصل إلى اتفاق إطار كما يجري الحديث، على حساب الشعب الفلسطيني، ولمصلحة الولاياتالمتحدة العليا، ومصلحة إسرائيل، خصوصاً في ظل التسريبات المتعلقة بشطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها، بحسب التسريبات غير المؤكدة فيما يتعلق بالاتفاق.ويشرح أبو شرخ فكرته قائلاً: "حينما يتبنى كيري يهودية الدولة للشعب اليهودي كما قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، ثم يُلغي حق العودة، ويريد أن يسحب الأغوار من تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، إلى جانب استمرار السيطرة الإسرائيلية على المعابر والحدود، فهو فعلياً يقدم شيئاً واتفاقاً لصالح إسرائيل وليس الفلسطينيين". الفلسطينيون لن يقبلوا بالاتفاق ويشدّد أبو شرخ على أنّ الفلسطينيين لن يقبلوا بما تقدمه أميركا، مشيراً إلى أنّ كيري اتجه إلى الدول العربية وأبرزها السعودية والأردن، من أجل الحصول على دعمها، سيما وأنها كانت دوماً تضغط على الجانب الفلسطيني، كي تتناسب مصالحها الخاصة مع الولاياتالمتحدة.ويلفت الباحث الفلسطيني إلى أنّ السلطة الفلسطينية لن تقبل بالشروط الأميركية والإسرائيلية، محذرًا في الوقت عينه من أن الاتفاق سيفتح المجال لتأجيل القضية الفلسطينية والتفريط بحقوق الفلسطينيين.في المحصلة، من الواضح أن ما يقوم به كيري من جولات مكوكية يقع في إطار المسعى الأميركي لإنجاز اتفاق إطار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ومن الواضح أيضًا أنّ الولاياتالمتحدة ستمارس قصارى جهدها من أجل الخروج بصيغة ترضي الطرفين، لكنّ هذا الحلّ بالمجمل لن يكون نهائياً كما أنّه لن يلبي طموحات الفلسطينيين الذين لن يقبلوا إلا بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين، وتحقيق كل قضاياهم التي لا زالت عالقة.