دخلت بريطانيا في "صراع هادئ" مع فرنسا ل"اصطياد" الكفاءات الجزائرية وفرض "لغة أجنبية" في المؤسسات التربوية والجامعية، ففي الوقت الذي حطّت طائرة الوزيرة الفرنسية للتعليم العالي بمطار الجزائر، طارت طائرة أخرى نحو بريطانيا على متنها وزير التربية الجزائري عبد اللطيف بابا أحمد بدعوة من نظيره البريطاني ل"بحث" وتطوير "الشراكة العلمية". جاءت الوزيرة الفرنسية للتعليم العالي، جونوفياف فيوراسو، إلى الجزائر لتلتقي وزير التعليم العالي والبحث العلمي، محمد مباركي، لتقول له إن عدد الطلبة الجزائريين في جامعات بلدها بلغ 24 ألف طالب، لكن “ليس كافيا وتريد فرنسا المزيد والذهاب بعيدا في شراكتها مع الجزائر”. وليس اعتباطا أن تردّ الوزيرة الفرنسية على سؤال صحفي بشأن مستقبل “اللغة العربية” في فرنسا، على هامش الندوة انعقاد الثالثة الجزائرية الفرنسية للتعليم العالي، أول أمس، وتكشف في إجابتها أن المسألة تتجاوز عند الحديث عنها قطاعها لأنها مرتبطة ب”قضية دولة”، لكنها لم تخف وجود مشروع قيد الدراسة ل«تدريس” اللغة العربية في الابتدائيات الفرنسية. وغازلت فرنسا “الطلبة” الجزائريين بتأشيرة صالحة لسنتين، المهم بالنسبة إليها أن تحظى باستقبال “خيرة” الطلاب، لاسيما مع استثنائها الحائزين على شهادة “الماستر” وهم الذين لم يتبق لهم سوى سنة واحدة لنيل “الدكتوراه”، فعرضت عليهم الوزيرة الفرنسية للتعليم العالي، باسم “الجمهورية الفرنسية”، الالتحاق بجامعاتها، وتضمن لهم السكن والتأمين الصحي، كما ليس “صدفة” أن تكون الأولوية لشعب التكنولوجيا والبيولوجيا والبيئة والطاقات المتجددة والرياضيات، باعتبارها الشعب نفسها التي تركز عليها “الدولة الجزائرية” للتخلص من تبعيتها للمحروقات. وفي الأثناء التي كانت فيها وزيرة التعليم العالي الفرنسية توقّع مع نظيرها الجزائري محمد مباركي، كان وزير التربية عبد اللطيف بابا احمد هو الآخر “منهمكا” في التوقيع على اتفاقيات ل”تطوير” اللغة الإنجليزية في المؤسسات التربوية ومعاهد التكوين، نظرا لحجم الاتفاقيات التي تربط وزارة التربية مع بريطانيا في مجال تكوين الأساتذة. وسيركز الوزيران الجزائري والبريطاني للتربية الوطنية، بالرجوع إلى “التكوين” الذي حظي به أساتذة ومفتشي التربية الوطنية في اللغة الانجليزية بدءا من سنة 2011، حيث كان المجلس الثقافي البريطاني يقدّم دورات تكوينية لعشرات المائة من الأساتذة من أجل تطوير مهارة المشاركين وزيادة معارفهم التعليمية، من خلال تزويدهم بأحدث الوسائل والأساليب والمناهج المتبعة في التدريس. وتضمن بريطانيا عن طريق “بريتيش كونسيل” تكوينا خاصا في مادة اللغة الإنجليزية لفائدة 3000 أستاذ، في إطار مشروع أطلق عليه تسمية “ربط الفصول المدرسية” والمحدّد في ثلاث سنوات (ينتهي العام الجاري)، فيما تقوم الجهة ذاتها بخلق فضاءات حوار وتبادل بين التلاميذ من كلا البلدين في مجال تركيب مسرحيات لغوية. كما سيتابع وزير التربية “اقتراحاته” المقدّمة إلى نظيره البريطاني، المتمثلة في تخصيص منح دراسية لأحسن التلاميذ المحققين لأعلى العلامات في اللغة الإنجليزية في شعبة آداب ولغات أجنبية بالطور الثانوي، بعد خضوعهم لمسابقات يشرف عليها “بريتش كونسيل” لاختيار أحسنهم، فضلا عن دعم توسيع ورشات القراءة للغة الإنجليزية على مستوى القطر الوطني دون استثناء.