يكفي أن تقوم بجولة عبر أحياء الجزائر العاصمة والمدن الأخرى لتجلبك رائحة الخبز التقليدي المنبعثة من أفران وطواجين الطين في العديد من المحلات التي أصبحت تعرف إقبالا منقطع النظير، خاصة أنها تعرض أنواعا من الخبز الجزائري. ما يميز هذا النشاط المتنامي، أن القائمين عليه هم من الرجال الذين كسروا قاعدة احتكار المرأة له وصاروا مقصدا لمئات الزبائن يوميا بمن فيهم النساء. بداية الجولة كانت من مخبزة “الخبز المطلوع” بحي الوئام في بئر مراد رايس. المخبزة يشرف عليها شقيقان، قال أحدهما إن امتهانه تجارة الخبز التقليدي يرجع إلى 10 سنوات مضت، وإن الإقبال على خبزه يتزايد مع مرور الأيام، مستدلا بنفاد الكمية قبل انقضاء اليوم، علما بأن نفس المحل يختص في صناعة “المطلوع” بحجميه الصغير الذي يباع ب10 دنانير أو الكبير ب25 دينارا، ناهيك عن خبز الشعير الذي حدد سعره ب25 دينارا. التقت “الخبر” شابا يدعى أسامة يبلغ من العمر 20 سنة، يشرف على تحضير عجينة “الكسرة” بمخبزة “الأصيل” المحاذية لسوق ميسوني وسط العاصمة وهي مخبزة باشرت نشاطها عام 2005. كان أسامة منهمكا بتحضير الخبز بالجهة الخلفية للمحل، يقول إنه تدرب على تحضير هذا النوع من الخبز على يدي والدته بمسقط رأسه في مدينة سطيف التي يقول إنها تشتهر بهذا النوع من الخبز. وأضاف أسامة أنه مع مرور الأيام أصبح ماهرا في تحضير عجينة الخبز، ويعد أفضل من والدته، مضيفا أنه يعتمد دوما على مقادير الدقيق والزيت والماء والملح، علما بأن الخميرة لا تدخل في تحضير “الكسرة”. أما عن الكمية التي يقومون بإعدادها للطهي والبيع يوميا، فيقول أسامة إنهم يضعون مقادير لأكثر من ألف خبزة، تنفد كليا في آخر النهار، معترفا بصعوبة الاستجابة للطلب. وما يثير انتباه أسامة، هو تصدر النساء قائمة الزبائن وهن أكبر عددا من الرجال. وتشغل مخبزة “الأصيل” حاليا ستة عاملين، يشكّلوا في رواحهم ومجيئهم وسرعة تلبية طلبيات الزبائن خلية نحل حقيقية، خاصة أن الطلب على منتوجاتهم مرتفع، ويتركز على “الكسرة” و”المطلوع” وخبز الشعير والسميد، التي تتراوح أسعارها من 20 إلى 30 دينارا. ولا يقتصر نشاط المحل على الخبز التقليدي، بل توسع مؤخرا ليشمل “المحاجب والمعارك” التي تجلب إليها زبائن كثيرين هي الأخرى على مدى اليوم. يقول نجيب، شاب في الثلاثينيات وهو رئيس العاملين، إن العمل يبدأ في حدود الساعة السابعة صباحا، ليشرع في تحضير العجينة في العاشرة. أما عن خبز “المطلوع” و”الكسرة” فيشرع العاملون الشباب في تحضير عجينته في السادسة صباحا. ويضيف نجيب: “بعد الكسرة والمطلوع والمحاجب، أضفنا منتوجا تقليديا ثالثا وهو البراج التي تلقى رواجا واسعا، علما أن تحضيرها يتم في البيت بسواعد النسوة، ويتم طهيها في المخبزة”.