الآن وقد مرت عشرة أيام على رئاسيات 17 أفريل التي وصفت تدليسا ب “الموعد المصيري”.. الآن وقد جفت دموع المنهزمين وخرصت زغاريد المنتصرين، وبحت حناجر المنددين والمهللين، بعد أن أدى الرئيس القديم الجديد اليمين الدستورية وبدأ عهدته الرابعة بخطاب مبتور، أمكن أن نجري معاينة هادئة للنتائج الأخرى لهذا الموعد.. النتائج التي لم يعلن عنها وزير الداخلية ولم يصادق عليها المجلس الدستوري ولم تنشر في الجريدة الرسمية. أولى النتائج أن الموعد الانتخابي إياه أسقط آخر أوراق التوت عن عورة من يطلقون على أنفسهم مجازا توصيف “الفاعلين السياسيين”، فقد اكتشف الجزائريون الزوالية بأن هؤلاء جميعا مجرد ممثلين رديئين في مسرحية مملة، بعضهم يلعب الدور الأساسي وبعضهم يكتفي بدور الكومبارس. بعضهم يسعى إلى البقاء في الحكم وبعضهم يقاتل من أجل البقاء في “كلوب دي بان” و«موريتي”..كما اكتشف بأن دوره في ذات المسرحية قلص إلى مجرد متفرج على لعبة يدفع تكاليفها من جيبه وأعصابه وسمعته ومستقبل أولاده وأحفاده، لكنه لا يشارك في التخطيط لها ولا في تحديد مآلاتها. ثاني النتائج هو أن التحول السياسي الأبرز الذي عرفته رئاسيات السابع عشر أفريل هو تدني مستواها الأخلاقي حد الضحالة والضآلة والحقارة والنتانة والقرف، فقد ضرب لنا منشطوها موعدا مع كل الكبائر والموبقات من أقصى التخوين والاتهام بالتآمر والعمالة، إلى أقصى التخويف والتهديد والوعيد والابتزاز. ثالث النتائج وأخطرها على الإطلاق أن الجزائري المغلوب على أمره تأكد اليوم بما لا يدع مجالا للشك بأن الانتقال الديمقراطي الحقيقي في الجزائر لن يكون غدا، وبأن موعد الرئاسيات الأخير سيضاف إلى غيره من مواعيد أخرى كان يعتقد أنها مع التاريخ، قبل أن يصدم بحقيقة كونها مجرد محطات ضائعة مر أمامها قطار التغيير لكنه لم يتوقف، وهي الحالة نفسها التي يحذر منها كل علماء السياسة والتاريخ، لأنها عادة ما تنتج شعورا جمعيا بيأس قد يتحول في لمح البصر إلى موجة جارفة من الغضب لا تبقي ولا تذر، وعليه فإن الأمل كل الأمل أن يهدي الله ولاة أمورنا وأن يبعث في قلوبهم ورؤوسهم حدا أدنى من الإحساس بمسؤولية تدفعهم إلى أن يفهموا بأن بعض الهدوء قد يسبق العاصفة وبأنه لا يعني بالضرورة إحساسا بالرضا والاطمئنان.