لم تعد جرائم العنف والاختطافات وحدها التي تقتل براءة الأطفال بالقرب من المؤسسات التربوية. فحوادث المرور هي الأخرى أصبحت تفتك بهم، بسبب غياب الأمن وتواجد أغلب مداخل المدارس بمحاذاة الطرقات. رغم الإجراءات التي اتخذت من أجل حماية الأطفال من حوادث المرور، لاسيما وضع أعوان مهمتهم التدخل لمساعدة التلاميذ على قطع الطريق إلى المدارس، إلا أن حوادث المرور لا تزال تحصد البراءة، خاصة إذا علمنا أن الإحصائيات الأخيرة التي كشفت عنها وزارة التضامن تشير إلى أن 1201 طفل لقوا حتفهم جراء حوادث المرور خلال 5 سنوات، بمعدل 240 سنويا، بينما أحصت المديرية العامة للأمن الوطني للعام الماضي، أكثر من 1117 طفل ضحية حوادث المرور العام الماضي. وحسب مختصين، فإن تواجد أبواب الكثير من المدارس قرب الطرقات مباشرة، وعدم وجود إشارات ضوئية أمامها، زاد من حوادث المرور، إذ أن ولاية الجزائر فقط بها 250 نقطة سوداء، أي مدارس تلاميذها عرضة بصفة دائمة للمخاطر، ومن أجل حمايتهم، تم توزيع 500 عون على مستواها، أي بمعدل عونين أمام كل مدرسة، استفادوا من تكوين أولي من قبل ممثلي الحماية المدنية ووزارة التربية الوطنية، للتدرب على الحركات اللازمة لتنظيم المرور والسلوكات الواجب القيام بها، خاصة في حال وقوع حوادث. غير أن هذا الإجراء الوقائي، لم تستفد منه مدارس باقي الولايات، ولعل هذا ما يدفع ضريبته التلاميذ يوميا، كان آخره الحادث المأساوي الذي هز حي الإخوة خالدي وسط مدينة سكيكدة، أول أمس، مخلفا مقتل ثلاثة تلاميذ وإصابة 4 آخرين بجروح، إثر انحراف شاحنة نصف مقطورة كانت محمّلة بالأتربة. وعن أسباب تزايد الظاهرة، أرجعت رئيسة الفيدرالية الجزائرية للأشخاص ذوي الإعاقة عتيقة معمري في اتصال ب”الخبر أمس، المشكل إلى تواجد أغلب المدارس في محيط غير آمن، وتشييدها دون الاعتماد على دراسات تراعي مدى خطورة الطرقات التي يسلكها التلاميذ للوصول إليها. مضيفة في السياق إلى أن ردعية القوانين لم تحل المشكل، ويجب إشراك السائقين في الحملات التحسيسية كعنصر فعال، مع توعية التلاميذ في المدارس وأوليائهم. من جهته، أعرب رئيس اتحاد جمعيات أولياء التلاميذ، أحمد خالد، عن قلقه حيال ما أسماه ب”الخطر المحدق بالتلاميذ” أمام المؤسسات التربوية ،خاصة في المدن الكبرى وغياب الحماية، مشيرا إلى أن أعوان الشرطة أصبحوا لا يتدخلون لتوقيف السائقين المتهورين، الذين يسيرون بسرعة جنونية بالقرب من المدارس، خوفا من أن يكونوا أبناء “جنرالات” أو إطارات سامية في الدولة. وكشف المتحدث في الإطار، إلى أن الاتحاد يسعى مستقبلا إلى مراسلة وزير الداخلية طيب بلعيز لتوفير الأمن بالقرب من المؤسسات التربوية، وطوال فترة تمدرس التلاميذ، أي ابتداء من السابعة صباحا إلى الخامسة مساء، داعيا إلى تنظيم حملات تحسيسية لاحترام قانون المرور بالأخص في الأحياء السكنية، التي تنتشر فيها المدارس بكثرة. للتذكير، خلّفت حوادث السير على المستوى الوطني 4540 قتيل عام 2013، مكلفة خزينة الدولة خسائر تفوق 100 مليار دينار، حسب آخر تصريح لوزير النقل عمار غول الذي قال أنه رغم الجهود المبذولة لم تفلح في التصدي لهذه الآفة.