حقق اتحاد بلعباس، كما كان منتظرا، صعودا جديدا إلى الرابطة المحترفة الأولى قبل إسدال الستار على بطولة المحترفين الثاني لموسم 2013/2014 بجولة واحدة، بعد أن أضاف إلى رصيده نقطة وحيدة من مباراته ما قبل الأخيرة في البطولة ضد اتحاد البليدة أمام ما يقارب 45 ألف مناصر من محبيه. كانت النتيجة المحققة منطقية إلى أبعد الحدود، بعد أن تمكن زملاء أشيو حسين من بسط سيطرة شبه كلية على مجريات البطولة، بدءا من الجولة الثالثة بعد ذلك الفوز الساحق الذي تحقق على حساب الصاعد الآخر جمعية وهران. وكان الصعود الرسمي المحقق قد مكن محبي الاتحاد من استعادة البسمة ومحو الصور الأليمة التي خيمت على مدينة سيدي بلعباس في شهر أفريل من السنة الفارطة، حين غادر نادي “المكرة” مصاف الكبار وهو يجر أذيال الخيبة، تاركا التوقعات التي رشحته للمكوث طويلا في الرابطة الأولى. كما مكنت العودة السريعة للاتحاد وسط الكبار من استعادة الأنصار للأمل مرة أخرى في رؤية “الاتحاد العباسي” العريق وهو ينافس الكبار على المراتب المتقدمة، ولم لا الألقاب، بالنظر لتوفر المدينة على واحد من أكبر ملاعب الجمهورية وقاعدة شعبية تضاهي حتى تلك الموجودة في عاصمتي الوطن والشرق الجزائري. عامل الخبرة صنع الفارق، اختزل الوقت وذلّل كل الصعوبات باشر اتحاد بلعباس موسم 2013/2014 بتعداد يعد الأكبر من حيث معدل أعمار لاعبي الثاني المحترف ب29 سنة وأربعة أشهر، وهو ما عكس حقيقة مراهنة مسؤولي الفريق على عامل الخبرة الذي أكد مرة أخرى بأنه عامل حاسم لا يستهان به في كرة القدم الجزائرية، بحكم العجز الذي بقي يخيم على هذه الكرة في إنجاب لاعبين كبار يضاهون من حيث الكفاءة أولئك الذين برزوا على مدار ال10 سنوات الأخيرة، عبر صفوف مختلف الأندية الوطنية. وكانت الإدارة بمعية الأطراف الفاعلة في محيط اتحاد بلعباس، قد استنجدت مع بداية الصائفة الفارطة بترسانة من اللاعبين المخضرمين المعروفين على الصعيد الوطني، وحتى الإقليمي والدولي، وفي مقدمتهم الثنائي الأسبق حسين آشيو وفاروق بلقايد، كما تقرر أيضا ضم أوزناجي واستعادة خدمات ابن الفريق سفيان بن ڤورين ويوسف غزالي، ناهيك عن أسماء أخرى سطع نجمها سابقا ضمن صفوف أندية أخرى كبلخير وعبد القادر بن عيادة والحارس محمد الصغير فراجي وغيرهم. وكان هؤلاء قد أحيطوا بمجموعة من العناصر الشابة من خريجي المدرسة المحلية كبونوة وخالي وصايم والحارس عرقوب، إضافة إلى عنصرين بارزين في الجهة الغربية في صورة غاريش رياض وحوة حسان، وهو المزيج الذي صنع تلك “الفسيفساء” التي صنعت أفراح “العقارب” على مدار موسم كامل. وكان المراهنة على عامل الخبرة قد مكن الطاقم التقني من اختزال الوقت وتغطية البداية المتأخرة في التحضيرات، قبل أن تأخذ الآلة مسارها منفردة إلى غاية المحطة ما قبل الأخيرة، والتي ترسمت من خلالها العودة السريعة إلى حظيرة الكبار. محطتا حجوط وعنابة الأخطر في مسيرة “الخضراء” ولم يخل موسم الصاعد الجديد - القديم اتحاد بلعباس من أحداث خطيرة كان اللاعبون وبمعية بقية الأطقم قد عايشوها بملعبين على وجه التحديد أمام كل من اتحاد عنابة بملعب 19 ماي برسم الجولة ال10 وملعب 5 جويلية البلدي بمدينة حجوط برسم الجولة ال24 من البطولة، حين كان كل أعضاء البعثة عرضة لاعتداءات خطيرة كان من الممكن أن تودي بحياة بعض اللاعبين، خاصة الشاب رياض غاريش الذي تعرض لكسر مزدوج على مستوى الأنف أمام اتحاد حجوط. ورغم أن نادي “المكرة” ظفر بنقاط المواجهة قياسا بتوقفها جراء اجتياح أنصار الفريق المحلي لأرضية الميدان، وتسببهم في توقفها قبل موعدها المحدد، إلا أن الاعتداءات تركت آثارا سلبية في أذهان اللاعبين، وهو نفس ما عايشوه بملعب 19 ماي بمدينة عنابة، ولو بدرجة أقل حين راح لاعبو “بونة” ومدربهم “السابق” كمال لطرش يتفننون في توجيه مختلف أنواع الاعتداءات ضد كل من اللاعبين فاروق بلقايد وأوزناجي على وجه الخصوص. تحقق الصعب... وبقي الرهان الأصعب بتمكنه من حصد 52 نقطة من 29 مباراة، يكون اتحاد بلعباس قد حسم صعوده الرسمي إلى حظيرة الرابطة الأولى وهو الرهان الصعب الذي تحقق بتضافر جهود الجميع، إلا أن الرهان الأصعب يبقى يتمثل في كيفية تشكيل فريق قادر على الحفاظ على كيان النادي وسط الكبار من خلال تجربة قاسية مر عليها نادي “المكرة” العام الفارط، عندما اكتفى بتنشيط مباريات بطولة الرابطة المحترفة الأولى خلال فترة لم تتعد التسعة أشهر. ويحتاج اتحاد بلعباس في الظرف الراهن إلى تشخيص معطياته وضبط حاجياته الاستعجالية ليتمكن من مباشرة الموسم القادم وسط أحسن الظروف الممكنة، إلا أن ذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجعل الجميع يغفل عن ضرورة إعادة هيكلة الفريق وشركته الرياضية على المدى المتوسط، كأضعف الإيمان، خاصة أن الفريق سيجد نفسه مضطرا إلى مجابهة فرق أحسنت هيكلة أمورها بالاعتماد على التوظيف العقلاني لمواردها المالية، وبالاعتماد على الخبرات والثروات البشرية التي تزخر بها، ناهيك عن الاستقرار الذي سمح لتلك الفرق بالوقوف على رجليها وتثبيتها وسط الكبار من دون التفكير حتى في العودة إلى الأقسام الدنيا. وكان فريق اتحاد بلعباس قد مر منذ 21 شهرا بتجربة قاسية جدا عجلت بسقوطه مجددا إلى الرابطة الثانية المحترفة، وذلك بعد أن سادت الفوضى والانقسامات بمجرد أن ترسم صعود الفريق على حساب فريق اتحاد عنابة بثلاثية، كان ما يعادل ال70 ألف مناصر شاهد على جماليتها، وهو “السيناريو” الذي بات من واجب كل الأطراف الفاعلة في محيط اتحاد بلعباس تفادي السقوط فيه من جديد لما خلّفه من كوابيس لم يتخلص منها “العقارب” سوى بحلول أمسية ال9 من شهر ماي الجاري أمام اتحاد البليدة.