“اللّه أكبر” أشهد أن لا إله إلا اللّه.. وأشهد أن محمد رسول اللّه تلك هي خلاصة الصورة المفزعة المقطرة من الشاشات العربية لآلهة الصراعات الدينية بالعراقوسوريا وليبيا والصومال ونيجيريا... وهو الجبار الذي ربط اسمه بأذان السلام والحوار تدهورت صورته لتسرق من جماعات متنطعة منظروها عاجزون عن كتابة أو حفظ آية واحدة... وأكبر متضرر من هذه القذارة هو “اللّه” ذاته لأن على البسيطة من اختار نفسه ممثلا عنه يتولى مهمة اختيار المؤهلين لدخول الجنة والنار بناء على فهمه “المخمور” للدين.. ولا أدري حقيقة أي دين؟ تساءلت كثيرا هل هذا الإله الجديد التي اتخذته “داعش” هو الذي قرأت عنه صغيرا في كتاب التربية الإسلامية والمدارس الدينية بفاتحة إياك نعبد وإياك نستعين وهل هو اللّه الذي فسر اسمه محمد متولي الشعراوي؟ وهل هو الذي غنت له أم كلثوم “اللّه محبة...؟ وهل هو الذي يصرخ له حفيظ دراجي في ملاعب العالم بعد تسجيل الهدف... وهل هو اللّه الذي تدعوه باحات المساجد والكنائس لطلب الصفح والمغفرة والسلام؟ لا شك أنه ليس هو.. لالا ليس هو؟ لأن صفاته العزة والسلام فيما.. أرباب.. القاعدة .. بوكو حرام.. لشكر طيبة.. طالبان.. منتجات تكتسي صبغة بعيدة عن القيم الإسلامية باعتبارها خليطا كيميائيا يجمع الجهل المقدس بالعادات والبداوة مغلقة برعاية دولة زكت نفسها مرارا لخدمة الدين بعدما حاربت “الحزب الكبير” الصوفية الحقيقية التي أنجبت محمد الفاتح والأمير عبد القادر والشيخ بوعمامة وصلاح الدين الأيوبي وعز الدين القسام وعمر المختار ونور الدين زنكي ولا أدري حقيقة أي حسرة سيشعر بها صلاح الدين الأيوبي عندما يقف هؤلاء التتار الجدد على قبره في الشام مرددين “مبتدع” في حلقات جديدة لغوغاء مزيج المال بالدين بالاستخبارات. ومن السخرية أن “الجهاد” الذي ينادي له هؤلاء ليس هو “جهاد” الزرقاوي وبن لادن وبوبكر بوكو حرام. كما أن “الكفار” الذين حاربوا صلاح الدين وخالد بن الوليد ليسوا “الكفار” الذين يقدسون العلم والعمل والعدل اليوم وأنتجوا آلاف الأبحاث، كما اخترعوا أجهزة أيباد وسامسونغ ووصلوا المريخ وزحل وطبعا “اخترعوا الكلاشنيكوف” الذي نتقاتل به كل يوم.. حتى الشيخ الداعية للجهاد في سوريا من أجل مناكحة “الحور العين” هو نفسه مناصر الفريق الجزائري في نهائيات كأس العالم من ميادين “الفايسبوك وتويتر” عسى أن يكثر أتباعه ومشاركاته. هذه الملامح والفواصل الزمنية المتقاطعة تاريخيا أفرزت خليط جماعات مشتتة في جميع الدول العربية لتطبيق “الشريعة الإسلامية” وفق مفاهيم مستخرجة من جحور “تورا بورا” تحت مقدمات حداثية وعناوين محاربة الصليبيين والصفويين “وحتى الصوفيين باسم المقاومة”. الإستراتيجية الأمريكية نجحت في العراقوسوريا والربيع أعطى أزهاره المرجوة في إعادة تفسير “الدين” ورسم صورة “اللّه” بصبغة بدائية محلية تقدم للعالم الغربي مادام العرب يعانون تراكمات الفساد ونوع النخب المثقفة المستسلمة بين خيارات الدولة البوليسية وتوجهاتها الرهيبة والصكوك المالية الباحثة عن مواقف موجهة للرأي العام في القنوات العربية المؤممة لنزوات مسخ قيم “الحقيقة” وخلق الزحزحات الكبرى. فالأحداث الأخيرة بالعراق تحاول نمذجة تفسيرات نمطية بين حروب “شيعة” المالكي الفاسد وسنّة “الملك الخادم”، بيد أن القضية مرتبطة بفشل ملوك “الآل” في بناء إستراتيجية تواجه التمدد الإيراني “الفارسي” الذي لا يفتح مطلقا معارك خاسرة.. ويقف المواطن العربي مشدوها لفهم المفاسد المترابطة والمتراكمة وصار ضحية الديكتاتورية وسلطتها الجافة اليابسة ومال السياسة وسلطته البراقة المزيفة للواقع، مشكّلا مظهرا طارئا لتحجير العقل وشيخوخة “حلول” المشيخات. “داعش” رمز يمثل صورتنا المصدرة للعالم رغما عنا لأن المملكة التي احتكرت الدين وفق توصيفات أهل “السنة والجماعة” والفرقة الناجية صارت تنظم “قداسات” الثواب والعقاب وتعلن مكافآت لصالح الأنظمة العربية الموالية وتعاقب المعادية بأن تسلط عليها القاعدة وداعش.. ليس لأنها “صالحة” وإنما لمطالبتها بحصتها من الفساد وتجرأت تنظيماتها وحددت ل اللّه الفضائل التي ينبغي له عقاب الناس عليها ودخول النار والجنة للزواج بالحور العين في طقوس بعيدة عن الإسلام كمعطى مقدس. اللّه.. لم يطلب من أحد الإنابة عنه في الأرض أو أن يسمي نفسه “خادما” بل أوصى نبيه “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة”.. بعيدا عن عصعص الجاهلية العشائرية والمالية، لذلك فالإلحاد فكرة ثنائية فهو توصيف نمطي معروف وآخر إلحاد الدواعش المتهمة أساسا بانتحال صفة “اللّه أكبر” والتصرف وكأنه غائب فيما عزاؤنا من الذين يفترون على اللّه والحور العين الآية : “أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا، فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، إن اللّه عليم بما يصنعون”. ... سبحانك ربي لحسن رحمة لا أملك سوى أن أقول لك أحسنت يا لحسن.