لله في دهره محطّات ونفحات تتنزَّل فيها الرّحمات والبركات على مَن صَفَى قلبُه وخَلُصَت نيَّتُه وصلُح عمله، ولعلَّ من أهمِّها وأعظمها أثرًا في نفوس المؤمنين نفحة رمضان، وما أدراكم ما مدرسة رمضان، لذلك ترى المؤمنين قبيل قدومه بأيّام بل وبأشهر يعدّون أنفسهم ويتهيّأون لاستقباله تمامًا كما يستقبل الضّيف العزيز في بيت الجود والكرم، وهو كذلك فعلاً، فإنّ بركة هذا الشّهر على أمَّة النّبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم هي رحمة ومغفرة وعتق من النّار. فيه من الجزاء الإلهي أنّ الحسنات تُضاعف، والسّيّئات تقل، وفيه تصفّد الشّياطين، وتفتح أبواب الجنان، وفي الجنّة باب يقال له: الريَّان، لا يدخله إلاّ الصّائمون، لذلك حقَّ على المنادي فينا نحن معاشر المسلمين والمسلمات أن يا باغي الخير أقْبِل، أقبِل فإنّ الخير كلّ الخير في هذا الشّهر الفضيل، والمحروم مَن حرُم خيره وبركته. ومن بركات هذا الشّهر الفضيل عودة الطيور المهاجرة والشّارِدة إلى عشّها ووكرها الآمن والهادئ، فالمساجد تكتظ، بل وتصبح المساحات المجاورة لها محلًا للصّلاة، للرّجال والنّساء، تعود الألسنة فيه لتنطق بالقرآن والذِّكر الحكيم بعد هجران ونسيان، والرّحم تُرحَم، والرّحمة تنتشر بين النّاس، فهو شهر المواساة، وشهر الكرم والجود. أنشر على