انتقل الحديث في أعقاب إسدال الستار على المشاورات حول تعديلات الدستور، حول الطريقة التي يمرر بها مشروع رئيس الجمهورية، خصوصا بعدما ترك عبد العزيز بوتفليقة الباب مفتوحا حول الاحتمالين: الاستفتاء أو البرلمان. لكن خروج الأمين العام للأفالان، عمار سعداني، في تصريحات إعلامية بأن التعديل سيمرر على البرلمان في الدورة الخريفية، يؤشر أن السلطة تريد تعديل على “المقاس”. خرج عمار سعداني عن صمته عشية انتهاء مدير الديوان برئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، من المشاورات حول تعديل الدستور التي انطلقت في الفاتح جوان الفارط، ليؤكد بصيغة الواثق مما يجري داخل قصر المرادية بأن “تعديل الدستور المقبل سيعرض على البرلمان في الدورة الربيعية”، تاركا الانطباع بأن مراجعة الدستور ستكون على أساس المادة 176 أي دون عرضه على الاستفتاء الشعبي، وهو أمر ترفضه الكثير من التشكيلات الحزبية بما فيها المشاركة في المشاورات على غرار حزب العمال الذي يطالب بعرض المشروع على الاستفتاء الشعبي. وتأتي تصريحات سعداني في وقت كان الرئيس بوتفليقة قد أوضح، في اجتماع أول مجلس للوزراء في عهدته الرابعة، بأنه “بعد الفراغ من هذه المشاورات سيصاغ مشروع موحد لمراجعة الدستور، وحينئذ سيخضع النص للإجراء المتعلق بمراجعة الدستور على أساس المادة 174 أو المادة 176 من الدستور الحالي”. عدم حسم رئيس الجمهورية في الطريقة المعتمدة في تمرير تعديل الدستور، بين الاستفتاء الشعبي أو تمريره على غرفتي البرلمان، مثلما وقع في 2008، يعني أن السلطة لم تقرر حجم التغيير الذي تريده على الدستور الحالي، رغم تأكيدها غداة شروعها في دعوة الأحزاب والمنظمات والمجتمع المدنى إلى جلسات المشاورات بأنه سيكون “دستورا توافقيا”، ما يفترض أنه سيحمل تغييرات جوهرية وعميقة. وتوحي تصريحات سعداني المرجحة لتمرير تعديل الدستور على البرلمان وليس الاستفتاء، بأن السلطة التي مررت تعديل الدستور لسنة 2008 على غرفتي البرلمان فقط دون عرضه على الاستفتاء الشعبي، رغم إجماع رجال القانون بأنه مس بالتوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية، بمقدورها تكرار نفس السيناريو، خصوصا في ظل فشل فرضية “الدستور التوافقي”، بعدما قاطعت مشاوراته العديد من الأحزاب السياسية، ما يعني أن السلطة ستخيط دستورا على المقاس “المرحلة” الحالية مقابل تراجع فرضية دستور مستقبلي. وترمي نتائج الانتخابات الرئاسية ليوم 17 أفريل الماضي ونسبة المشاركة المتدنية فيها (لم تتجاوز 50 بالمائة)، بثقلها في توجهات السلطة خصوصا وأن الاستفتاء يحتاج إلى أغلبية واضحة من أصوات الجزائريين. وضمن هذا السياق كانت المتخصصة في القانون الدستوري، الدكتورة فتحية بن عبو، قد أكدت في وقت سابق ل “الخبر” بأنه “يجب أن يكون تعديل الدستور عن طريق الاستفتاء، وليس عن طريق البرلمان الحالي الذي هو فاقد للمصداقية والمشروعية”.