ورد في مسند الإمام أحمد عن سيّدنا أبي بكر الصّدّيق رضوان الله عليه قال: ”سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ”سَلُوا اللهَ اليقين والمُعافاة فما أوتي أحد بعد اليقين خير من العافية”. فجمع بين عافيتي الدّين والدّنيا ولا يتم صلاح العبد في الدّارين إلّا باليقين والعافية، فاليقين يدفع عنه عقوبات الآخرة والمُعافاة تدفع عنه أمراض الدّنيا في قلبه وبدنه. وعن علاقة الصّوم بصحّة الأبدان والنّفوس يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”الصّيام جُنّة” و«صوموا تَصِحُّوا”، مفسّرًا قوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم إنْ كنتُم تَعلمون}. ويؤكّد عن هذه العلاقة الفطرية بقوله: ”الأزم دواء والمعدّة بيت الدّاء وعودوا كلّ بدن ما اعتاد”. وقوله أيضًا: ”نحن قوم لا نأكل حتّى نجوع وإذا أكلنا فلا نشبع”. والأزم هو الامتناع عن كلّ ما يضرّ. ومن هنا جاء الصّيام عبادة فيها شفاء للأبدان وللأرواح والنّفوس. ففي الصّيام راحة للمعدة من عناء العمل ليل نهار طوال العام.. وشهر في العام يعادل يومًا كلّ اثني عشر يومًا، وهذه الرّاحة من عناء العمل المستمر لازمة وضرورية. ولقد وجد الحكماء وأرباب الاختصاص أنّ عدد مرضى النُّزلات المعوية بالذّات ومرض القولون يقلّون في رمضان عن غيره من الشّهور، كما أنّ فاعلية العقاقير تزيد في شهر رمضان عنه في الشّهور الأخرى كذلك، لأنّ المريض عادة ما يناقض علاجه الطبي عندما يأكل الممنوعات ويعرض عن المسموحات، ولأنّ أحبّ شيء إلى الإنسان ما منع ”وكلّ ممنوع متبوع”.. لكن في رمضان فإنّ الصّيام عن الممنوع والمسموح يعطي فرصة أكبر لمرض المعي الدّقيق والغليظ بالشّفاء العاجل: ”قاتل الله الشرّه” فإنّ التّخمة تقلّل من فعالية العقاقير وتعرقل الشّفاء وتؤخر المعافاة.