يتسارع أصحاب بيع المثلجات، سيما في الجزائر العاصمة، إلى وضع لافتات على واجهات محلاتهم، فحواها أنهم يقدمون مثلجات “جيلاتو” الإيطالية الأصل، ويرفقون الإعلانات تلك بألوان الصيف التي غالبا ما تكون زاهية، تجلب إليها الأنظار، وترغّب الزبون إلى دخولها وتذوّق “السحر” الإيطالي. يكفي أن تقصد أمسية كل يوم من أيام الحر، الذي تشهده الجزائر العاصمة، أحد شوارعها الرئيسية التي تعج بالمارة والزوار على مدار السنة وإلى ساعات متأخرة من الليل صيفا، لتقف على الإقبال الكبير على محلات بيع المثلجات الإيطالية أو ما يطلق عليها محلات “الجيلاتو”، أو المثلجات المحضرة على الطريقة الإيطالية التي تتميّز بنوعية المذاق، مما يفسّر استقطابها لأكبر عدد من الزبائن. يتزامن فصل الحر مع إقبال المواطنين على استهلاك المثلجات بشكل ملحوظ، وهو ما وقفنا عليه خلال جولة استطلاعية لنا عبر بعض محلات بيع المثلجات وسط العاصمة، ولعل الملاحظ في الآونة الأخيرة هو التفات الكثيرين حول المحلات التي اختصت في بيع المثلجات الإيطالية أو ما يعرف بال “جيلاتو”، إذ يكفي أن تمر عبرها لتقف على جماعات الزبائن الذين لا ينقطع ترددهم على تلك المحلات، مقارنة بغيرها من محلات بيع المثلجات الكلاسيكية. وعن سبب الإقبال على هذا الجديد من المثلجات، أكد لنا السيد سليمان، أو كما يحلو للعاملين لديه وبعض زبائنه مناداته ب«عمي سليمان”، أنه كامن في سحر الخلطة الإيطالية التي تميّز الجيلاتو. عن تخصصه في هذا المجال، أوضح لنا “عمي سليمان”، المختص في ترميم الآثار، أن الصدفة وحدها هي التي جعلته يهتم بهذا الاختصاص، حيث كان يعمل كمسؤول بمركز جامعي يهتم بتنظيم المؤتمرات العلمية يقع بإحدى ضواحي العاصمة الإيطالية روما، وهناك جلبت محلات الجيلاتو المتواجدة بنفس المركز انتباهه، لتترسخ الفكرة في ذهنه لمدة سنوات عديدة عمد خلالها وبعد اتخاذه قرار العودة إلى أرض الوطن، بعد 35 سنة قضاها في الغربة، تجسيد الفكرة في بلده الجزائر، أين فتح أول محل له للجيلاتو بالجزائر العاصمة سنة 2010. ويقول “كنت أول من نقل تقنية الياغورت الطبيعي المجمّد الذي اكتشف العاصميون ذوقه المميز بنكهات الشكولاطة والنعناع والليمون وغيرها، ولا زالوا يترددون عليه من يومها” حسب عمي سليمان الذي كان يتحدث لنا من جهة وينتبه لطلبات زبائنه الكثّر بمحله في أعالي شارع ديدوش مراد من جهة أخرى، رغم وجود عاملين تولوا مهمة بيع الجيلاتو بنكهاته المختلفة من نكهة الفانيليا إلى الفراولة والبندق والكراميل وغيرها، والتي قال أنها تقارب ال2000 نكهة. وأضاف عمي سليمان قائلا “الجزائري يختار النكهات المعروفة لديه بحكم عدم تقبله لغالبية النكهات التي يراها غريبة الذوق مثل نكهة الياسمين، القرفة، واللوز...، وهو ما جعلنا نحضّر النكهات التي تحظى بالطلب أكثر”. أما عن سرّ الخلطة الإيطالية، فأشار عمي سليمان إلى أنها خاصة فقط بالمحلين اللذين يديرهما بشراكة مع إيطاليين، موضحا بأنه يشرف على تحضيرها رفقة شركاء له إيطاليين مختصين في الجيلاتو، يترددون دوريا على الجزائر العاصمة، مشيرا إلى أنهم يستخدمون فيها الحليب الطازج فقط مع استيراد جميع المكونات الأخرى من إيطاليا، والتي تسمح بإعداد وصفات إيطالية أصيلة، علما بأن أسعارها تتراوح بين 100 دينار (ثمن كرة واحدة) و400 دينار حسب الكمية المطلوبة. وغير بعيد عن محل عمي سليمان يوجد محل آخر مختص هو أيضا في بيع “الجيلاتو” الإيطالي والذي أكد لنا شاب يديره، أن التحضير يتم على مستوى مصنع مختص في إنتاج المثلجات يقع ببوفاريك، يعتمد على مواد محلية ومكوّنات مستوردة، علما بأن السعر يتراوح بين 100 و500 دج، وهو سعر معقول مقارنة بذلك الذي تشترطه محلات شارع سيدي يحيى ببئر مراد رايس، مثلا، والتي لا ينزل مستوى سعر كرة واحدة من الجيلاتو 200 دينار، لكن ذلك لم يمنع من تردد الزبائن عليهم، حسب ما لاحظناه.