الجزائريون يستهلكون ملياري دولار من الأدوية سنويا رغم ارتفاع إنتاج الأدوية خلال السنوات الأخيرة، بعد تجسيد العديد من عمليات الشراكة مع أكبر المخابر الدولية، لا تزال الجزائر تصنف ضمن قائمة الدول الأكثر استيرادا لمختلف أصناف الأدوية، خاصة منها الموجهة لعلاج الأمراض المزمنة والسرطانية والتي تعجز عن توفيرها لجميع المرضى، ليبقى مصير هؤلاء الموت البطيء. ومع أن الشركة الوطنية صيدال بادرت إلى تكثيف إنتاجها الخاص بالأدوية الجنيسة، إلا أن عدم ثقة الجزائريين في فعالية أغلبية هذه الأدوية وميولهم إلى تفضيل الأدوية الأصلية، ماعدا تلك التي يجبرون على اقتنائها في ظل منع استيرادها، حال دون نجاح صيدال في الترويج لسياسة الاكتفاء الذاتي المرتكزة على إنتاج الأدوية الجنيسة. لم تسمح المشاريع المعلن عنها من طرف الحكومات الجزائرية المتعاقبة، في إطار الشراكة التي تجمع صيدال ومؤسسات وطنية أخرى منتجة، مع أكبر المخابر الأجنبية للأدوية، بالتقليص من فاتورة استيرادها والمقدرة بملايير الدولارات سنويا، رغم ارتفاع محسوس في إنتاج الأدوية بالجزائر، قدر خلال الخمس سنوات الأخيرة، وفقا للإحصائيات المقدمة من طرف وزارة الصناعة، بمعدل 12 بالمائة سنويا. في هذا الإطار، كشفت مصادر من القطاع الصيدلاني عن توقيع شركة صيدال، خلال هذه السنة، على اتفاق مع الشركة الفرنسية “سارفيي”، للشروع في إنتاج أدوية أصلية برخصة من هذا المنتج الفرنسي، ما يؤكد تغيير الشركة الوطنية لسياستها الإنتاجية المشجعة لإنتاج الأدوية الجنيسة. وجاءت أرقام الجمارك، والتي تحصلت “الخبر” عليها، لتؤكد عدم تحكم الحكومة في الزيادة المستمرة لفاتورة استيراد الأدوية التي ارتفعت، خلال السداسي الأول لهذه السنة، بما تجاوزت قيمته 200 مليون دولار، لترتفع من 953 مليون دولار خلال السداسي الأول من السنة الماضية إلى 1,19 مليار دولار خلال نفس الفترة من السنة الجارية، ما يؤكد أن فاتورة استيراد الأدوية لهذا الهام ستتجاوز ما قيمته ملياري دولار، مقابل 2,28 مليار دولار سنة 2013. وأنفقت الحكومة أكبر غلاف مالي، حسب نفس الأرقام، على اقتناء الأدوية خاصة منها الموجهة لمرضى السرطان والأمراض المزمنة بما قيمته 1,15 مليار دولار، مقابل 15 مليون دولار لاقتناء أدوية الطب البيطري و33 مليون دولار بالنسبة للمنتجات شبه الصيدلانية. وعرفت الواردات من الأدوية والمواد الصيدلانية من حيث الكمية تراجعا إلى 13 مليون طن خلال السداسي الأول لهذه السنة، مقابل 17 مليون طن خلال نفس الفترة من السنة الماضية. وتظل الصناعة الجزائرية عاجزة عن تمثيل أكثر من 35 بالمائة من الحاجيات الأساسية للسوق في مجال الأدوية، وتمثل الواردات الأغلبية، فيما تبقى الحصة الفرنسية تفوق 55 بالمائة من إجمالي ما تستورده الجزائر من الأدوية والمواد الصيدلانية، رغم أن الجزائر قامت بتنويع واسع لتعاملاتها مع الشركاء، حيث تتعامل مع أكثر من 45 بلدا.