نصّبت وزيرة الثقافة نادية لعبيدي، أول أمس، أعضاء لجنتي القراءة والتقييم المالي لصندوق تنمية الفن السينمائي وتقنياته وصناعته. وتتكون لجنة القراءة من تسعة أعضاء معينين من قبل وزيرة الثقافة، ومكلفين بتقييم المشروع قبل قبوله، بهدف إخراجه سينمائيا، بينما تتكون لجنة التقييم المالي من أربعة أعضاء تعيّنهم وزيرة الثقافة ومهمتهم تقييم ميزانية الأفلام بعد انتقائها من طرف لجنة القراءة وإعانة السينما. تزامن تعيين لجنة القراءة ولجنة التقييم المالي لصندوق تنمية الفن السينمائي وتقنياته، مع موجة الجدل الكبير الذي دار حول محتوى فيلم “الوهراني” للمخرج إلياس سالم، فهل دفعت نظرة المخرج الفرنكو- جزائري للثورة والمجاهدين، الوزارة للاستنجاد بالمخرج والمنتج لمين مرباح الذي يعرف عنه صرامته الكبيرة في التعامل مع الأفلام التي تمس بقدسية الثورة ورموزها، حيث يأتي تعيين اللجنة بعد ثمانية أشهر من تجميد عملها، بالإضافة إلى شهر قبل تنصيب الوزيرة، وقد عرفت اللجنة غياب الشباب عنها وركزت على متخصصين في التلفزيون ومسرحيين وأكاديميين، كما غاب عنها الخبراء المهنيون في السينما والمؤرخ، وسيطر المنتج، وأعادت قوة الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، ما سيعطى الضوء الأخضر لصراع المصالح للسنتين القادمتين. الثورة خط أحمر.. تتصدر قائمة لجنة التقييم المالي يتصدر قائمة لجنة التقييم المالي، المنتج والمخرج لمين مرباح الذي سبق له أن وقف في وجه المخرج لخضر حامينة، ووصف مشروع أحد أفلامه الأخيرة التي حاولت التحرر من قيود قدسية الثورة ورموزها بالتزوير والتزييف بالمشروع “المسيء للتاريخ”. كما سبق أن انتقد لمين مرباح المخرج أحمد راشدي في طريقة دفاعه عن تحرر السينما، هذا في وقت لايزال يواجه راشدي اعتراضات كبيرة على اثنين من أفلامه الأخيرة التي لم تر النور بعد، وهي فيلم “كريم بلقاسم” و«العقيد لطفي”، وهي أفلام تحاول إعادة الاعتبار للشخصيات التاريخية وكشف الحقائق التي تحرج وزارة المجاهدين. كما تضم لجنة التقييم المالي كلا من مسؤول المالية بالوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي مصطفى معطوب، وكذا المنتج مهدي بن عيسى، والمنتج والمخرج مقران أيت سعادة. لجنة القراءة بكاتب متحرر من قدسية التاريخ وعلى خلاف لجنة التقييم المالي للصندوق، يبدو أن لجنة القراءة قررت البحث عن أصحاب الرؤى النقدية للتاريخ، من خلال استدعاء صوت الكاتب بوخالفة أمازيت، المتخصص في الكتابات التاريخية بيومية “الوطن”، ويعرف عنه عدم اعتماد أسلوبه على الطرح الرسمي الذي تقدمه الدولة، وهو يقدم قراءة نقدية لتاريخ الثورة الجزائرية، كما سبق له العمل مع “الرائد عز الدين” والمخرج أحمد راشدي “في فضاء النظرات المتقاطعة بين فرنساوالجزائر في رواية التاريخ الجزائري”. كما تضم لجنة القراءة الكاتب والمسرحي مراد سنوسي الذي يحمل معه تجربة عمرها 17 سنة في الاقتباس والتي كللت باقتباس 18 عملا مسرحيا و6 أعمال مسرحية في الإبداع الحر. ويعرف عن مراد سنوسي دفاعه عن التحرر من قيود الرواية الأصلية ومبدأ “خيانة النص الأصلي” من أجل الوصول إلى عمل مميز، ويرى أن ذكر كاتب النص الأصلي جزء مهم من أخلاقيات العمل الأدبي. ونجد في القائمة أيضا، الروائي عيسي شريط الذي أعطى للسيناريو الجزائري لمسات مختلفة تعتمد على الكتابة الإبداعية، رغم أنه روائي لم يكتب في التاريخ بقدر ما ركز على الكوميديا، حيث قدم سلسلة “سعد القط” الشهيرة، وله رواية “الكائن الذي يشبه المدينة” وراوية “لاروكاد” الفائزة بجائزة مالك حداد للرواية، وهو صاحب نظرة تختلف قليلا عن وجهة نظر مراد سنوسي تجاه اقتباس أي عمل سينمائي من عمل روائي، فحسب شريط هي “عملية صعبة لما يحمله من مشاهد قد لا يتضمنها النص الروائي السردي، وهي إشكالية تخلق في الكثير من الأحيان تصادما بين كتّاب الرواية وكتّاب السيناريو”. الموضوعية والخيال بين الباحث والمسرحي والروائي تضم قائمة لجنة القراءة لصندوق تنمية الفن السينمائي وتقنياته وصناعته، أيضا، الباحث والسيناريست طاهر بوكلة الذي يدافع عن منهج الموضوعية في تناول الأحداث الهامة في محطات التاريخ الجزائري المختلفة، وكمثال على ذلك ما يعتقده طاهر بوكلة تجاه الأعمال التي تتناول فترة التسعينيات وما عرفتها من حوار الإسلاموفوبيا والتمدن، لا تستدعي إدانة مطلقة لأي من الطرفيين دون حجة، كما تروّج الروايات التي تقدم إدانة مطلقة للإسلاميين وتحرر الديمقراطيين من الأخطاء، وإنما ينظر إلى ضرورة إدانة الجرائم مهما كان مصدرها عبر تأسيس الواقعية دون المبالغة في التقديس أو الإدانة. ومن الوجوه الوافدة الجديدة إلى المشهد، الروائية الشابة هاجر قويدري التي لها رواية “نورس باشا” ذات البعد التاريخي الذي يعود إلى الزمن العثماني في الجزائر، وحكايات لأتراك أقاموا في الجزائر ما بين 1518 و1830 للميلاد، وأيضا المخرجة فاطمة وزان التي تدخل لجنة القراءة بعد تجربتها السينمائية البسيطة عبر فيلم “المرحوم حسني”. وتتميز لجنة القراءة باسم الممثلة بهية راشدي التي تستمد قوتها من الاحترام الكبير الذي تتمتع به في المشهد الفني الجزائري، وهي مهمة جديدة تضاف إلى مهمتها كعضو في المجلس الوطني للفنون والآداب، وقد تم اختيارها كممثلة تتقاسم أطروحات الممثلين الجزائريين رفقة الممثل عبد الحميد رابية ذي الخلفية المسرحية وعضو بالمسرح الوطني، حيث ينظر رابية إلى الساحة الفنية في الجزائر على أنها “شحيحة” من الإنتاج الفني، ما يستدعى تكثيف الأعمال لإعطاء الممثلين فرصة أكبر للعمل على مدار السنة وليس في المناسبات فقط.