تحولت الطرقات إلى مكان لاستعراض بعض السائقين عضلاتهم، خاصة الشباب الذين أصبحوا غير واعين بخطورة التهور في السياقة، إذ تكشف آخر الأرقام الصادرة عن المديرية العامة للأمن الوطني تورط أكثر من 10 آلاف شاب، تتراوح أعمارهم بين 18 و39 سنة، في زرع الرعب والتسبب في الموت عبر الطرقات. رغم الإجراءات الردعية المتخذة من قبل المصالح المختصة للحد من حوادث المرور، إلا أن ذلك لم يحل المشكل في ظل تنامي الظاهرة التي أصبح فيها العامل البشري “المتهم” رقم واحد، خاصة فئة من هم دون الأربعين الذين تبدأ مغامرتهم بمناورة خطيرة، وتنتهي في العالم الآخر. وهو ما تؤكده لغة الأرقام في إرهاب الطرقات، حيث لقي 714 شخص حتفه، فيما أصيب 18035 بجروح، أغلبهم يقل عمر سياقتهم عن 5 سنوات، في حوادث مرور وقعت عبر المناطق الحضرية للوطن، خاصة على مستوى الطرق الوطنية والبلدية، وبجوار المؤسسات التربوية خلال الأشهر العشرة من السنة الجارية. ويعد السائقون الذين يتراوح سنهم بين 30 و39 سنة، أكثر المتورطين في حوادث المرور ب4101 سائق، تليها الفئة العمرية بين 25 و29 سنة، ب3060 سائق، ثم الفئة العمرية بين 18 و24 سنة ب3303 سائقا. بينما تعد فئة الكهول أقل درجة من حيث تورطهم في حوادث الطرقات، ب4011 سائق تتراوح أعمارهم بين 40 إلى 59 سنة، تليها الفئة العمرية بين 60 و69 سنة ب568 سائق، فيما تورط 180 شيخ في حوادث مرور. كما يعد نقص التجربة من الأسباب المؤدية لحوادث المرور خاصة عند فئة الشباب، إذ تشير أرقام الشرطة إلى أن 395 حادث مرور تسبب فيها أشخاص لم تمض 5 سنوات على حصولهم على رخص السياقة. الشباب يعتبر السيارة امتدادا لشخصيته وأرجع القائم بالإعلام والعلاقات العامة بمديرية الأمن العمومي محافظ الشرطة رابح زواوي في تصريح ل “الخبر”، تورط الشباب بدرجة أكبر في حوادث المرور، إلى إفراطهم في الثقة بالنفس مع قلة روح المسؤولية، واعتقادهم بأنهم يتحكمون في المركبة بعد المرحلة التجريبية للسياقة والمقدرة بسنتين، على عكس فئة الكهول التي هي أقل درجة من حيث عدد الحوادث، نظرا لتركيزهم وتجربتهم الكبيرة في التعامل مع الطريق. وأوضح محافظ الشرطة أن “الشباب عموما يستهينون بالمخاطر التي تحيط بهم بسبب ثقتهم الكبيرة بأنفسهم، وبالتالي يخطئون في تقدير مؤهلاتهم الحقيقية، كما أن الشاب يعتبر السيارة امتدادا لشخصيته، ولا يعتبرها وسيلة نقل، بل أداة يبحث من خلالها ليبرهن عن قوته”. وأبرز زواوي أن الوقاية من حوادث المرور ليست من اختصاص مصالح الأمن الوطني فقط، بل هي مسؤولية الجميع، كل في مجال اختصاصه وحدود صلاحياته، من خلال التركيز على الصرامة في الفحص التقني للمركبات، ودعم وتفعيل جميع الشركاء والجمعيات ذات صلة بالوقاية المرورية، وتطوير وسائل الحماية والتدخل، إضافة إلى تسطير مناهج التربية المرورية في المدارس وتعميم تدريسها، مع تكثيف الدورات العلمية والجامعية، الوطنية والدولية. كما شدد محدثنا على ضرورة استحداث مخططات النقل والمرور في المدن الكبرى، وتعزيز النقل الجماعي الذي يرقى إلى تطلعات المواطنين، إضافة إلى التخطيط العمراني المدروس وفق الكثافة السكانية وشبكة الطرقات، داعيا إلى ضرورة استحداث البطاقة الوطنية لرخص السياقة، والبطاقة الوطنية للمخالفات المرورية، والبطاقة الوطنية للبطاقات الرمادية.