قال الإمام سفيان الثوري: لمّا حجّ المهدي قال: لابدّ لي من سفيان، فوضعوا لي الرّصد حول البيت، فأخذوني باللّيل. فلمّا مثلت بين يديه قال لي: لأي شيء لا تأتينا فنستشيرك في أمرنا؟ فما أمرتنا من شيء صرنا إليه وما نهيتنا عن شيء انتهينا عنه. فقلت له: كم أنفقتَ في سفرك هذا؟ قال: لا أدري، لي أمناء ووكلاء. قلتُ: فما عذرك غدا إذا وقفت بين يدي الله تعالى فسألك عن ذلك؟ لكنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمّا حجّ قال لغلامه كم أنفقت في سفرنا هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين ثمانية عشر دينارًا. فقال: ويحك أجحفنا بيت مال المسلمين. وقد علمت ما حدّثنا به منصور عن الأسود بن علقمة عن ابن مسعود أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ”ربّ متخوّض في مال الله ومال رسوله فيما شاءت نفسه له النّار غدًا”، فيقول أبو عبيد الكاتب: أمير المؤمنين يستقبل بمثل هذا؟ فيجيبه سفيان بقوّة المؤمن وعزّة المسلم: اسكت، إنّما أهلك فرعون هامان وهامان فرعون.