تعتبر الأجهزة الإدارية أداة لتنفيذ السياسة العامة للدولة، الرامية أساسا لسد احتياجات الجمهور في شتى المجالات، الأمر الذي يضفي على هذه العلاقة أهمية بالغة باعتبارها الوسيلة المثلى بيد السلطات العامة لوضع تلك الخدمات حيز التطبيق اتجاه المواطنين الذين ما فتئت علاقتهم تتوطد وتتوثق باستمرار، كظاهرة اجتماعية يتحدد بمقتضاها مدى تطور ورقيّ العلاقة بين الإدارة والمواطن. إن المواطن هو الأساس الذي تقوم عليه الدولة والمجتمع، وهو مستقل وحر، ولهذا يجب حماية حقوقه وحرياته. ولتحقيق ذلك كان يجب تقييد نفوذ السلطة والأفراد في الدولة. وحقوق الإنسان تأتي من كون الإنسان مخلوقا بشريا بغض النظر عن ديانته، عرقه، وجنسه. فحقوق الإنسان تخص الفرد لكونه إنسانا. وحقوق الإنسان مستمدة من طبيعة الإنسان، فالسلطة لا تمنحها وهي غير متعلقة بهذه السلطة، ولا يجوز للسلطة حرمان الفرد منها. لهذا تسمى حقوق طبيعية أو حقوق أساسية. أما الحقوق الطبيعية فهي: حق الحياة، الحق في الحرية، حق المساواة، حق الكرامة، حق التملك والحق في الإجراءات القانونية المنصفة. وتعتبر حقوق المواطن جزءا من الحقوق الطبيعية، وعلى كل دولة ديمقراطية أن تعترف بحقوق المواطن لجميع المواطنين بغض النظر عن العرق، الأصل، القومية، والديانة وما شابه. ولا يجوز للدولة حرمان الإنسان من حقوق الإنسان الطبيعية وتحظر على الدولة المس بحق المواطن. وواجب الدولة أن تحترمها وتحميها، لأن هذا شرط ضروري لتحقيق الديمقراطية. وحقوق الإنسان والمواطن ليست مطلقة فهي متضاربة مع بعضها البعض وكثيرا ما تتضارب مع قيم ومصالح أخرى في الدولة. ولذلك عند وجود تضارب بين الحقوق نبحث عن التوازن الذي يضمن بأن يكون المساس بالحق قليلا، وكثيرا ما تحدث هذه الإشكالية عند اتصال المواطن بالإدارة أو العكس. وعليه، فقد أصبحت علاقة المواطن بالإدارة تحظى باهتمام كبير نظرا لازدياد وتدخل المواطن في المشاركة الإدارية من جهة وتطور وظيفة الإدارة من جهة أخرى، وحتى تنظم هذه العلاقة سارع المشرّع الجزائري إلى وضع أسس لصيانة هذه الروابط المشتركة. ونظرا لخصوصية الإدارة العامة في الجزائر ألزمها القانون الجزائري بضرورة حماية حريات المواطن وحقوقه التي اعترف بها الدستور والتشريع المعمول به في هذا الجانب، بالإضافة لاحترام الإنسان والحفاظ على كرامته. ويعتبر المرسوم رقم 85-95، المؤرخ في أول رجب عام 1405 الموافق 23 مارس 1985، والمتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية المنظم لعلاقة الإدارة والمواطن في الجزائر، من أبرز هذه التشريعات، حيث أعطى حقوقا للمواطن منها الحق في إعلامه بكل التنظيمات والتدابير التي تسطرها، كما يتعين عليها أن تنشر بانتظام التعليمات والمناشر والمذكرات والآراء التي تهم المواطنين. وفي الصدد نفسه، أعطت المادة 12 من المرسوم نفسه الحق الكامل في استقبال المواطن، إما لتوجيهه وإرشاده أو لتسجيل طلباته والسعي على توفيرها، أما في الجانب الخدماتي أوجب القانون على الإدارة تحسين خدمتها وتحسين صورتها العامة من تبسيط الإجراءات وتخفيف الأعباء على المواطن، وهذا ما نصت عليه المادة 21 وما يليها من المرسوم 85-59. وللإشارة، فإن قانون البلدية رقم 11-10 في المادة 11 و12 منه أدرج مشاركة المواطنين في تسيير البلدية واستشارتهم حول خيارات وأولويات التهيئة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، قصد تحقيق أهداف الديمقراطية المحلية. وفي مقابل هذه الحقوق، وحتى تتحقق فكرة التوافقية أفرد المرسوم 85-59 واجبات على المواطن الذي يتصل بالإدارة العمومية، انطلاقا من احترام الموظف والتحلي بالانضباط والحس المدني، وصولا إلى ترسيخ سلطة الدولة من خلال كل التصرفات الصادرة من المواطن. فبرغم هذه النصوص القانونية والتعليمات الصادرة لتنظيم علاقة المواطن بالإدارة إلا أن البيروقراطية من أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطن وحتى الإدارة العامة لإعاقتها عن القيام بمهامها وواجباتها في تنفيذ وتحقيق أهدافها، ويعود ذلك لظروف سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، والتي بدورها ارتبطت ببيئات معينة لبلد ما وانعكست آثارها بالتالي على نوعية الإدارة العامة، فمثلا ًالبلاد النامية لها ظروفها التي ساهمت في تكريس البيروقراطية بها، كما ساهم الاستعمار في التأثير على شخصية ونفسية، بل وطموح الإنسان المستَعمَر، وبالتالي انعكس على أدائه في العمل من حيث الجهد المطلوب أن يبذله ومدى حماسه لعمله ورضاه الوظيفي. [email protected]