قال كيري إن أمريكا ستضطر في النهاية للتفاوض مع الأسد، ما قراءتكم لذلك؟ طبعا الأمريكان بالتحليل اكتشفوا أن الأمور ماضية باتجاه الحل السياسي، وأنه من الصعب سواء على الجهة الموالية أو المعارضة للنظام حسم الصراع بالقوة العسكرية، وأضحى هناك إدراك بأن الحل للأزمة السورية يكمن في الحل السياسي، ومنه الجلوس على طاولة حوار تجمع كل الأطراف دون استثناء، بما في ذلك رأس النظام، وبغض النظر عن النجاح أو الفشل. فبعد محاولات روسيا غير الموفقة، قررت أمريكا ضم جهدها إليها، للسعي للوصول إلى فرض صياغة حوار سياسي، وهم بذلك ليسوا بعيدين عن مقترح ”ديمي ستورا” الذي يحاول فيه جمع جميع الأطراف على نفس الطاولة، وقد نعتبر تصريح جون كيري ربما دعوة إلى ”جنيف 3”. لكنه استعمل كلمة ”ستضطر”، لماذا؟ بالجوهر، موقف أمريكا لم يتبدل من موضوع الأزمة السورية، هم أميل إلى دعم المعارضة من جهة، ويعملون على الحوار مع النظام من جهة أخرى، ولا يجب أن ننسى ما تواجهه أمريكا بدءا من الملف النووي والدور الاقليمي لإيران، إلى جانب فتح الملف اليمني وما يحدث في العراق وسوريا، وخطر ”الدواعش” الذين باتوا العدو الأول. أمريكا تريد القضاء على الإرهاب من خلال أوسع تحالف ممكن، وأدركت أن الحسم العسكري صعب، وقد يكون هناك اجتهاد بالإدارة الأمريكية، ولذا نجحوا في التنسيق مع روسيا وإيران، هذه الأخيرة التي يتفادون استفزازها لعلمهم بموقفها الداعم للنظام السوري. وهنا يجب التركيز على قضية مهمة، هناك تباين وصراع وتنافس بين تحالفين، ”السعودية ومصر وتركيا”و ”حزب الله وإيران وسوريا”، يريد تقديم أوراقه للتحالف مع أمريكا التي همها هو القضاء على الإرهاب. كل واحد له مصالح ويريد حمايتها. لكن بريطانيا رفضت القرار الأمريكي، هل سيؤثر ذلك على مسار الحوار؟ الدول الأساسية في الاتحاد الأوروبي تريد تمييز نفسها، لكن في النهاية لا نستطيع القول إن هناك مواجهة أمريكية بريطانية، هي مشاكسة بريطانية، فأمريكا تشكل قوة في تركيبات المنطقة، وموقف بريطانيا قابل للتعديل. وليس من مصلحة الأمريكان إسقاط الدولة ومؤسساتها، فذلك يفتح الباب أمام داعش، وهم لا يريدون تكرير تجربة العراق التي انهارت مؤسساتها وجيشها، وأمريكا لا زالت تدفع الثمن. هل تعتقدون أن الحوار السياسي سيكون المخرج للمأزق السوري؟ في جنيف 1 و2 لم يكن هناك حديث عن إسقاط أهلية النظام السوري، بل حديث عن حكومة ومرحلة انتقالية تمثل كل الأطياف بما في ذلك المعارضة، وسعي أمريكا إلى الحوار سيكون استمرارا لما سبق. بعد 4 سنوات من الدمار والصراع الدموي لا يمكن بضربة سحر لملمة الأمور، بل يجب أن تكون هناك معاناة، والشعب يريد وقف القتال ويقول ”كفى نريد وحدة الأرض والشعب”. قد يكون الحوار بداية الحل، لكن ليس هناك رهانات ملموسة، فعملية الشد والجذب لا زالت قائمة، وكل طرف يضع شروطه واقتراحاته، فيجب العمل على تذليل العقبات، والمطلوب القليل من التنازلات من قبل الجميع لإنقاذ الوطن.